درة الغواص في أوهام الخواص
محقق
عرفات مطرجي
الناشر
مؤسسة الكتب الثقافية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨/١٩٩٨هـ
مكان النشر
بيروت
اضاقتك فَقَالَ: إِن هَذَا الْكتاب يشْتَمل على ثَلَاثمِائَة وَكَذَا آيَة من كتاب الله ﷿، وَلست أرى إِن أمكن مِنْهَا ذِمِّيا، غَيره على كتاب الله تَعَالَى وحمية لَهُ، قَالَ: فاتفق أَن غنت جَارِيَة بِحَضْرَة الواثق بقول العرجي:
(أظلوم إِن مصابكم رجلا ... أهْدى السَّلَام إِلَيْكُم ظلم)
فَاخْتلف من بالحضرة فِي إِعْرَاب رجل فَمنهمْ من نَصبه، وَجعله اسْم إِن، وَمِنْهُم من رَفعه على أَنه خَبَرهَا، وَالْجَارِيَة مصرة على أَن شيخها أَبَا عُثْمَان الْمَازِني لقنها إِيَّاه بِالنّصب، فَأمر الواثق بِاللَّه باشخاصه.
قَالَ أَبُو عُثْمَان: فَلَمَّا مثلت بَين يَدَيْهِ قَالَ: مِمَّن الرجل قلت: من بني مَازِن، قَالَ: أَي الموازن أمازن تَمِيم أم مَازِن قيس، أم مَازِن ربيعَة قلت: من مَازِن ربيعَة، فكلمني بِكَلَام قومِي، وَقَالَ لي: با اسْمك لأَنهم يقلبون الْمِيم بَاء وَالْبَاء ميما إِذا كَانَت فِي أول الْأَسْمَاء، قَالَ: فَكرِهت أَن أُجِيبهُ على لُغَة قومِي لِئَلَّا أواجهه بالمكر، فَقلت: بكر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَفطن لما قصدته وأعجب بِهِ، ثمَّ قَالَ مَا تَقول فِي قَول الشَّاعِر:
(أظلوم إِن مصابكم رجلا
)
أترفع رجلا أم تنصبه فَقلت: بل الْوَجْه النصب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَقَالَ: وَلم ذَلِك فَقلت: إِن مصابكم مصدر بِمَعْنى أَصَابَتْكُم، فَأخذ اليزيدي فِي معارضتي، فَقلت: هُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلك: إِن ضربك زيدا ظلم، فرجلًا مفعول مصابكم، ومنصوب بِهِ، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن الْكَلَام مُعَلّق إِلَى أَن تَقول: ظلم، فَيتم الْكَلَام.
فَاسْتَحْسَنَهُ الواثق وَقَالَ: هَل لَك من ولد قلت: نعم، بنية يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، قَالَ: مَا قَالَت لَك عِنْد مسيرك قلت: أنشدت قَول الْأَعْشَى:
(أيا أبتا لَا ترم عندنَا ... فانا بِخَير إِذا لم ترم)
(أرانا إِذا أضمرتك الْبِلَاد ... نجفى وتقطع منا الرَّحِم)
قَالَ: فَمَا قلت لَهَا قلت: قَول جرير:
1 / 87