تظل الْجنان كلهَا.
وَقيل: بل هِيَ مصدر مُشْتَقّ من الطّيب.
وعَلى اخْتِلَاف هَذَا التَّفْسِير لَا تحْتَاج إِلَى التَّعْرِيف.
وَقد عيب على أبي نواس قَوْله:
(كَأَن كبرى وصغرى من فواقعها ... حَصْبَاء در على أَرض من الذَّهَب)
وَمن تَأَول لَهُ فِيهِ قَالَ: جعل من فِي الْبَيْت زَائِدَة، على مَا أجَازه أَبُو الْحسن الْأَخْفَش من زيادتها فِي الْكَلَام الْوَاجِب وَأول عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: ﴿من جبال فِيهَا من برد﴾ وَقَالَ: تَقْدِيره فِيهَا برد.
وَقد اتّفق بِحَضْرَة الْمَأْمُون تَحْقِيق هَذَا التَّشْبِيه الْمُودع بَيت أبي نواس على وَجه الْمجَاز وَذَاكَ أَنه حِين بنى على بوران بنت الْحسن بن سهل، فرش لَهُ حَصِير منسوج بِالذَّهَب، ثمَّ نثر على قَدَمَيْهِ لآلئ كَثِيرَة، فَلَمَّا رأى تساقط اللالئ الْمُخْتَلفَة على الْحَصِير النسيج، قَالَ: قَاتل الله أَبَا نواس كَأَنَّهُ شَاهد هَذِه الْحَال حَتَّى شبه بهاحباب كأسه، وَأنْشد الْبَيْت المستطرد بِهِ.
ويضاهي هَذِه الْحِكَايَة فِي طرفَة اتفاقها وملحة مساقها مَا حكى أَن عبد الْملك بن مَرْوَان حِين أزمع النهود إِلَى محاربة مُصعب بن الزبير ناشدته عَاتِكَة بنت يزِيد بن مُعَاوِيَة أَلا يخرج بِنَفسِهِ، وَأَن يَسْتَنِيب غَيره فِي حربه، وَلم تزل تلج عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَة وَهُوَ يمْتَنع من الْإِجَابَة، فَلَمَّا يئست مِنْهُ أخذت فِي بكائهاحتى أعول حشمها لاعوالها، فَقَالَ عبد الْملك: قَاتل الله ابْن أبي جُمُعَة - يَعْنِي كثيرا - كَأَنَّهُ رأى موقفنا هَذَا حِين قَالَ:
(إِذا مَا أَرَادَ الْغَزْو لم يثن عزمه ... حصان عَلَيْهَا نظم در يزينها)
(نهته فَلَمَّا لم تَرَ النهى عاقه ... بَكت فَبكى مِمَّا شَجَّاهَا قطينها)
ثمَّ عزم عَلَيْهَا أَن تقصر، وَخرج.
[٣٨] وَيَقُولُونَ لمن أَخذ يَمِينا فِي سَعْيه: قد تيامن وَلمن أَخذ شمالا: قد
1 / 55