125

درة الغواص في أوهام الخواص

محقق

عرفات مطرجي

الناشر

مؤسسة الكتب الثقافية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨/١٩٩٨هـ

مكان النشر

بيروت

ليماثل قَوْلهم: صديق وصديقة لِأَن الشَّيْء فِي أصُول الْعَرَبيَّة قد يحمل على ضِدّه ونقيضه كَمَا يحمل على نَظِيره ورسيله. وَفِي أَخْبَار النَّحْوِيين أَن أَبَا عُثْمَان الْمَازِني سُئِلَ بِحَضْرَة المتَوَكل على الله عَن قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَت أمك بغيا﴾ فَقيل لَهُ: كَيفَ حذفت الْهَاء من بغيّ، وفعيل إِذا كَانَ بِمَعْنى فَاعل لحقته الْهَاء نَحْو فتيّ وفتية وغنيّ وغنية فَقَالَ: إِن لَفْظَة بغي لَيست بفعيل، وَإِنَّمَا هِيَ فعول الَّذِي بِمَعْنى فاعلة، لِأَن الأَصْل فِيهَا بغوي، وَمن أصُول التصريف أَنه مَتى اجْتمعت الْوَاو وَالْيَاء فِي كلمة وسبقت إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ قلبت الْوَاو يَاء، وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء، كَمَا قَالُوا: شويت اللَّحْم شيا، وكويت الدَّابَّة كيا، وَالْأَصْل فيهمَا شوبا وكويا، وكما قيل: يَوْم وَأَيَّام، وَالْأَصْل أيوام فعلى هَذِه الْقَضِيَّة قيل: بغي، وَوَجَب حذف الْهَاء مِنْهَا، لِأَنَّهَا بِمَعْنى باغية، كَمَا تحذف من صبور الَّتِي بِمَعْنى صابرة. وَهَذَا العقد الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي قلب الْوَاو يَاء إِذا اجتمعتا، وَكَانَ السَّابِق مِنْهُمَا سَاكِنا أصل مطرد لم يشذ مِنْهُ إِلَّا حَيْوَة اسْم رجل، وضيون، وَهُوَ اسْم للهر. وَحكى الْفراء أَنهم قَالُوا: عوى الْكَلْب عوية، وَلَيْسَ الشاذ مِمَّا يلْتَفت إِلَيْهِ، وَلَا يعاج عَلَيْهِ.

1 / 133