الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء
الناشر
مكتبة نزار مصطفى الباز
مكان النشر
الرياض
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
وَأَن الْعلم والنبوة يكملان بالخلافة، فَلذَلِك سَأَلَ سُلَيْمَان ﵇ الْخلَافَة، وَلم يسْأَل الْعلم والنبوة، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وهب لي ملكا لاينبغي لأحد من بعدِي﴾ ﴿ص ٣٥﴾ . وَمن الله تَعَالَى على آدم ﵇ بالخلافة بقوله: ﴿إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة﴾ (الْبَقَرَة: ٣٠) وخاطب دَاوُد ﵇ بالخلافة فَقَالَ: ﴿يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض﴾ (ص: ٢٦) وَلم يقل: جعلناك عَالما أَو نَبيا، وَلِأَن الْعلم والنبوة مَتى قرنا بالسلطنة يزِيد بهما أُمُور الدّين وَالدُّنْيَا، وثواب الْأَعْمَال الصَّالِحَة كَمَا قَالَ ﵇: " عدل سَاعَة خير من عبَادَة سِتِّينَ سنة ". وَلِأَن الدّين يقوى، وَيزِيد عزته، وشرفه بِالسَّيْفِ، وَهُوَ يخْتَص بالخلفاء كَمَا دَعَا ﵇ بقوله: " اللَّهُمَّ أعز الْإِسْلَام بعمر أَو بِأبي جهل "،. فَاسْتَجَاب الله دعاءه فِي عمر ﵁ لتقديمه فِي الذّكر. ومدح النَّبِي ﵇ نَفسه بِالسَّيْفِ. بقوله ﵇: " أَنا نَبِي السَّيْف ".
فَلَمَّا كَانَت السلاطين والأمراء خَليفَة الله تَعَالَى فِي أرضه، يَنْبَغِي لَهُم أَن يعدلُوا بَين الرعايا بِالْعَفو والمساهلة، بِمُوجب الشَّرْع، ويمنعوا الظَّالِمين عَن الظُّلم، وَالْفِسْق، ويقووا الضُّعَفَاء، ويأدبوا الْأَغْنِيَاء، ويكرموا الصلحاء
1 / 173