الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

محمود بن إسماعيل بن إبراهيم الجذبتي ت. 843 هجري
58

الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

الناشر

مكتبة نزار مصطفى الباز

مكان النشر

الرياض

وَقَالَ قَتَادَة فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة: ﴿أَلا تطغوا فِي الْمِيزَان﴾ (الرَّحْمَن: ٨) قَالَ: " أَرَادَ بِهِ الْعدْل ". وَعَن ابْن عمر ﵁ أَن رَسُول الله -[ﷺ]- قَالَ: " إِن الله تَعَالَى لما أهبط آدم ﵇ إِلَى الأَرْض أوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ أَربع كَلِمَات، وَقَالَ: يَا آدم، عَمَلك وَعمل جَمِيع ذريتك على هَذِه الْكَلِمَات الْأَرْبَع وَهِي: كلمة لي، وَكلمَة لَك، وَكلمَة بيني وَبَيْنك، وَكلمَة بَيْنك وَبَين النَّاس. أما الْكَلِمَة الَّتِي هِيَ لي: فَهِيَ أَن تعبدني وَلَا تشرك بِي شَيْئا. وَأما الْكَلِمَة الَّتِي هِيَ لَك، فَإِنِّي أجازيك بعملك، وَأما الَّتِي بيني وَبَيْنك، فمنك الدُّعَاء ومني الْإِجَابَة، وَأما الْكَلِمَة الَّتِي بَيْنك وَبَين النَّاس: فَهِيَ أَن تعدل فيهم، وتنصف بَينهم ". وَقَالَ قَتَادَة: " الظُّلم ثَلَاثَة أضْرب: ظلم لَا يغْفر لصَاحبه، وظلم لَا يبْقى، وظلم يغْفر لصَاحبه. فَأَما الظُّلم الَّذِي لَا يغْفر لصحابه: فَهُوَ الشّرك بِاللَّه، لقَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الشّرك لظلم عَظِيم﴾ (لُقْمَان: ١٣) . وَأما الظُّلم الَّذِي لَا يبْقى: فَإِنَّهُ ظلم الْعباد بَعضهم لبَعض. وَأما الظُّلم الَّذِي يغْفر لصَاحبه: فَهُوَ ظلم العَبْد نَفسه بارتكاب الذُّنُوب، ثمَّ يرجع إِلَى ربه وَيَتُوب، فَإِن الله يغْفر لَهُ برحمته، ويدخله الْجنَّة بفضله وَمِنْه ".

1 / 161