الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

محمود بن إسماعيل بن إبراهيم الجذبتي ت. 843 هجري
102

الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

الناشر

مكتبة نزار مصطفى الباز

مكان النشر

الرياض

وَقَالَ الْعلمَاء: الْإِحْسَان أشرف الْأَشْيَاء، إِن وصل إِلَى الْأَجَانِب يصيرون بِهِ أصدقاء، وَإِن وصل إِلَى الأصدقاء يصيرون بِهِ عبيدا. حِكَايَة: يحْكى أَن مُوسَى ﵇ لما رَجَعَ من الطّور رأى أَن السامري صنع من الذَّهَب كصورة الْعجل، فوسوس إِلَى قوم مُوسَى ﵇ حَتَّى عبدُوا الْعجل، فَجمع النَّار بَين قومه، وأحرق الْعجل فِي النَّار، وَطلب السامري فَلم يجده إِلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَبعد ذَلِك وجدوا السامري وَجَاءُوا بِهِ إِلَى عِنْد مُوسَى ﵇ فَلَمَّا رأى مُوسَى ﵇ السامري قَالَ: أَيْن كنت مُنْذُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا؟ قَالَ: يَا رَسُول الله، كنت مَسْتُورا تَحت خبز وَاحِد. يَعْنِي: لما علم السامري غضب مُوسَى ﵇ عَلَيْهِ خَافَ مِنْهُ خوفًا شَدِيدا، فَأعْطى مِسْكينا خبْزًا وَاحِدًا، حفظه الله - تَعَالَى - أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَلم يره أحد، بِسَبَب هَذَا الْقدر من الْإِحْسَان. وَأما إيتَاء ذِي الْقُرْبَى فِي الرّعية: فَهُوَ أَن يقْضِي حُقُوقهم وحوائجهم، لِأَن الرّعية بِمَنْزِلَة الْقَرَابَة للْملك، بل الرّعية للْملك بِمَنْزِلَة أَوْلَاده وَعِيَاله، وَلِهَذَا قَالَ ﵇: " من ولى أُمُور الْمُسلمين وَلم يحفظهم كحفظه أهل بَيته فقد تبوأ مَقْعَده من النَّار ". وَلِهَذَا وصّى النَّبِي ﵇ فِي آخر حَيَاته " الصَّلَاة وَمَا ملكت أَيْمَانكُم. يَعْنِي: أَدّوا الصَّلَاة فِي وَقتهَا، بفرائضها، وواجباتها، وسننها، وتعديل أَرْكَانهَا، وأدوا حُقُوق الرعايا الَّتِي تَحت أَيْدِيكُم.

1 / 205