عز وجل به الأنوار كلها، وخلق الدنيا والخلق طرا من أجله، واعلم أنه لم يكن الله عز وجل ليجريه إلا في الفتيات (1) العربيات، فابتغ لنفسك امرأة طاهرة من العرب وليكن اسمها الغاضرة.
قال: فوثب قيذار من نومه فرحا الى منزله، وبعث رسلا يطلبون له امرأة من العرب اسمها غاضرة، ولم يرض باولئك الرسل حتى بكر وهو على جواده وأخذ السيف معه شاهرا مسلولا فجعل يبقر عن أحياء العرب، ينزل على قوم ويرحل الى آخرين، حتى وقع على ملك الجرهميين، وكان من ولد ذهل بن عامر بن يعرب بن قحطان وله ابنة اسمها الغاضرة، وكانت أجمل نساء العالمين، فتزوجها وحملها الى أرضه وبلاده، فواقعها فحملت بابنه وأصبح قيذار والنور من وجهه مفقود منتقل الى وجه الغاضرة فسر بذلك سرورا عظيما.
وكان عنده تابوت آدم (عليه السلام)، وكان ولد إسحاق ينازعونه التابوت ليأخذوه، وكانوا يقولون: إن النبوة قد صرفت عنكم وليس لكم إلا هذا النور الواحد فأعطنا التابوت. فكان يمتنع عليهم ويقول: إنه وصية أبي ولا اعطيه أحدا من الناس.
قال: فذهب ذات يوم يفتح ذلك التابوت فعسر عليه فتحه، فناداه مناد من الهواء: مهلا يا قيذار فليس لك الى فتح هذا التابوت سبيل، انه وصية نبي، ولا يفتح هذا التابوت إلا نبي من النبيين، فادفعه الى ابن عمك يعقوب اسرائيل الله.
قال: وإنما سمي يعقوب إسرائيل الله لأن يعقوب كان يخدم بيت المقدس، وكان أول من يدخل وآخر من يخرج، وقد يسرج القناديل، فكان إذا كان بالغداة أصابها مطفاة.
قال: فبات ذات ليلة في مسجد بيت المقدس فإذا بجني يطفيها، فأخذه فأسره الى سارية في المسجد، فلما أصبحوا رأوه أسيرا، وكان اسم الجني ائيل.
فلما أن سمع قيذار هذا أقبل الى أهله وهي الغاضرة فقال: انظري إن أنت ولدت غلاما فسميه حملا، وأنا أرجو أن يكون غلاما طيبا.
صفحة ٧١