84

الدر المصون

محقق

الدكتور أحمد محمد الخراط

الناشر

دار القلم

مكان النشر

دمشق

و﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ جارٌّ ومجرور متعلِّق ب «يُنْفِقون»، و«ينفقون» معطوفٌ على الصلة قبله، و«ما» المجرورةُ تحتمل ثلاثة أوجهٍ، أحدُها: أنْ تكونَ اسمًا بمعنى الذي، ورزقناهم صلتُها، والعائدُ محذوفٌ، قال أبو البقاء: «تقديره: رزقناهموه أو رزقناهم إياه»، وعلى كل واحد من هذين التقديرين إشْكالٌ، لأنَّ تقديرَه متصلًا يلزم منه اتصال الضمير مع اتحاد الرتبة، وهو واجبُ الانفصال، وتقديرُه منفصلًا يمنع حذفَه؛ لأنَّ العائدَ متى كان منفصلًا امتنع حَذْفُه، نصُّوا عليه، وعَلَّلوه بأنه لم يُفْصَلْ إلا لِغَرضٍ، وإذا حُذِفَ فاتَتِ الدلالةُ على ذلك الغرضِ. ويمكن أن يُجاب عن الأولِ بأنه لمَّا اختلَفَ الضميران جَمْعًا وإفرادًا وإن اتَّحدا رتبةً جاز اتصالُه، ويكون كقوله: ١١٩ - وقد جَعَلَتْ نفسي تَطيبُ لِضَغمَةٍ ... لِضَغْمِهماها يَقْرَعُ العظمَ نَابُها وأيضًا فإنه لا يلزمُ مِنْ مَنْعِ ذلك ملفوظًا به مَنْعُه مقدَّرًا لزَوالِ القُبْح اللفظي. وعن الثاني بأنه إنما يُمنع لأجلِ اللَّبْس الحاصلِ ولا لَبْسَ هنا. الثاني: يجوز أن يكونَ نكرةً موصوفةً، والكلامُ في عائِدها كالكلامِ في عائِدها موصولةً تقديرًا واعتراضًا وجوابًا. الثالث: أن تكونَ مصدريةً، ويكونُ المصدرُ واقعًا موقعَ المفعول أي: مرزوقًا، وقد مَنَع أبو البقاء هذا الوجهَ قال: «لأنَّ الفِعْلَ لا يُنْفَقُ» من أنَّ المصدر مرادٌ به المفعولُ.

1 / 95