وإن أردتم أنهم أجمعوا على ذلك معتقدين بأنه الطريق إلى انعقادها على مجرد فعله فلا فزع لكم في ذلك، ونحن لا نسلم حسن الاختيار حينئذ، ولا عدم التناكر فيه، لأن الإمامة في ذلك الحال ثابتة النص.
وأجيب عن حجة القائلين بنص الإمام: بأنه لا دليل على أن الإمام الأول إليه ذلك، فإنه حكم شرعي، لا يثبت إلا بدليل شرعي، ولا إجماع الدعي غير صحيح ، فإن عليا عليه السلام أنكره ولم يرضه هو وأتباعه، فكيف ينعقد الإجماع من دونهم.
قلت: ولا يخفى على المتأمل أن جميع أدلة أهل المذاهب الثلاثة المذكورة عن القطع بمراحل، وأنها إذا محصت وتأملت حق التأمل لم تنته بنا إلى يقين، ولا أفادت القطع الخالي عن التجويز والتخمين.
وأولى ما يقال: إنه لا بد من الجمع بين الأمرين العقد والاختيار، والدعاء إلى الله تعالى، والانتصاب لهذا الأمر، وإشهار النفس له، وأن أحدهما لا يكفي في ثبوت الإمامة على سبيل القطع.
وأما العقد فإذا فرضت حصوله وأن جماعة من أهل الحل والعقد اختاروا واحدا صالحا للإمامة فعقدوها له، ونصبوه، واختاروه، ثم أغلق باب داره على نفسه وخمل ولم ينهض، ولا شهر سيفه ولم يدع إلى ربه، فليس من الإمامة في شيء، وأي نفع لذلك في أمر الإمامة وتكاليفها العامة، وما أحسن ما أثر عن موسى بن جعفر حيث قال: ليس منا أهل البيت إماما مفترض الطاعة وهو جالس في بيته، والناس.....
صفحة ٩١