فألقت عصاها واستقر بها النوى *** كما قر عينا بالأياب المسافر وقر لمنشيها البال، ووقف عن القيل والقال، تسليما للحق المطلوب، الذي تطمئن به النفوس وتطيب به القلوب، ولما جمعت هذه الرسائل وأصبحت كالروض الأنيق، يشتاق إليها أرباب التحقيق، ويتطلبها أهل المعارف والتدقيق، صارت مثابة لأهل المعارف الدينية يرجعون إليها في مباحثهم العلمية، خلا أنه ما سلم جسد من حسد، فقد تعرض للإمام في زمنه من قل فهمه فلم يعرف مقاصد الكلام، أو من سمع كلاما نقله غير صحيح، فسأل الإمام في حياته، وأجابه الإمام بما سننقله بالحرف، ولم يسمع من أهل العلم والدراية والفهم من يقول أن مذهب الإمام عزالدين (ع) في الإمامة أنها غير قطعية، إلا ما نقل عن الفقيه أحمد بن عبد الله الجنداري كما نقله مولانا الحجة مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي حفظه الله في لوامعه كما يأتي نقل ذلك، وإلا ما نسمعه عن بعض كتاب العصر، فجمعت عند سماعي لذلك كتيبا سميته (منهج السلامة في بيان مذهب الإمام عزالدين في الإمامة)، فندت فيه مزاعم هذا القائل وحملته على السلامة بأنه غره أمران:
الأول: ما سرده الإمام- في المعراج، وأجبت عن ذلك بأنه سرد كلام الإمام المهدي- وأورد ذلك الحجاج مبينا وعازيا للكلام إلى قائله، ونقل الناقل لحكاية قائل ليس بمذهب للناقل، ولا يقول بذلك عاقل، وإنما يلزمه لو نقله وقرره، كيف وقد تعقبه بكلام له صريح أن المسألة قطعية، وقال: إن كلام الإمام المهدي ليس مطابقا لما يعتقده -أي المهدي وغيره- ثم صرح في آخر المبحث من أخريات الكتاب أن أجود ما يعتمد عليه في الدلالة هو الإجماع وما سواه من الأدلة، ففائدته الاستظهار وليس مستقلا بالاعتبار.
صفحة ٨