287

الدر الفريد وبيت القصيد

محقق

الدكتور كامل سلمان الجبوري

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

وَالمُلَائَمَةُ بَيْنَ صَدْرِ البَيْتِ وَعَجُزِهِ (١):
وَهُوَ أَنْ يَأتِي الشَّاعِرُ فِي صَدْرِ بَيْتِهِ بِكِنَايَةٍ عَنْ مَعْنًى يَتَعَلَّقُ عَجُزُهُ بِتَمَامِهَا. وَلَا عَيْبَ أفْحَشَ مِنْ تَخَاذُلِ أَعْجَازِ الأَبْيَاتِ وَصُدُوْرِهَا. وَإِنَّمَا سُمِّيَ الشِّعْرُ نَظْمًا لانْتِظَامِ الأَلْفَاظِ فِيْهِ كَنِظَامِ الَّلآلِيءِ، وَائْتِلَافِ الأبْيَاتِ مِنْهُ كَائْتِلَافِ رَصْفِ الحلِي بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ، لأنَّ الرَّائِقَ مِنَ الشِّعْرِ مَا دَلَّ صَدْرُهُ عَلَى قَافِيَتِهِ لاتِّسَاقِ نَظْمِهِ، وَاتِّضَاحِ مَعْنَاهُ، كَقَوْلِ أَبِي تَمَّامٍ (٢): [من البسيط]
السَّيْفُ أصْدَقُ أنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ ... فِي حَدِّهِ الحَدُّ بَيْنَ الجِدِّ وَاللَّعِبِ
بِيْضُ الصَّفَائِحِ لَاسُوْدُ الصَّحَائِفِ فِي ... مُتُونِهِنَّ جَلَاءُ الشَّكِّ وَالرِّيَبِ
فَهَذِهِ المُلَاءمَةُ بَيْنَ صَدْرَيَ البَيْتَيْنِ وَعَجُزَيْهِمَا فِي غَايَةِ الحُسْنِ، وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِ الابْتِدَاآتِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَ المِصْرَاعَ الأوَّلَ مِن قَوْلُ الشَّاعِرِ (٣): [من الطويل]
مَحَا السَّيْفُ مَا قَالَ ابْنُ دَارَةَ أجْمَعَا
وَكَقَوْلِ مِهْيَارَ (٤): [من الكامل]
وَيَئِسْتُ حَتَّى لَوْ بَصُرْتُ بِنَارِهِمْ ... لِقِرًى شَكَكْتُ وَقُلْتُ نَارُ حَرِيْقِ

= فَقَوْلُهُ تَنتحِي وَاقِعٌ أَشْرَفَ مَوْقِعٍ وَأَبْرَعَهُ. وَكَقَوْلِ الحُطَيْئَةَ (١):
وَاقعد فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الكَاسِي
فَقَوْلُهُ: الكَاسِي مُتَمَكِّنَةٌ.
(١) انظر: البديع لابن ألإلح العبسي ص ١٣٦ وما بعدها.
(٢) ديوانه ١/ ٤٠.
(٣) عجز بيت للكميت بن ثعلبة في الموازنة ٢/ ٥٩ وصدره:
"فلا تكثروا فيها الضجاج فإنه".
(٤) ديوانه ٢/ ٢٩٨.

(١) عجز بيت للحطيئة في ديوانه ص ٢٨٤ وصدره: "دع المكارم لا ترحل لبغيتها".

1 / 289