الدر الفريد وبيت القصيد
محقق
الدكتور كامل سلمان الجبوري
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
وَكَقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ يَصفُ طُلُوعَ الفَجْرِ (١): [من الطويل]
وَقَدْ لَاحَ لِلسَّارِي الَّذِي كَمَنَ السُّرَى ... عَلَى أُخْرَيَاتِ اللَّيْلِ فَتْقٌ مُشَهَّرُ
كَمِثْلِ الحِصَانِ الأنْبَطِ البَطْنِ قَائِمًا ... تَمَايَلَ عَنْهُ الجُّلُّ وَاللَّوْنُ أشْقَرُ
وَتَشْبِيْهُ التَّكْثِيْرِ، كَقَوْلِ امْرِيءِ القَيْسِ يَصِفُ فَرَسًا (٢): [من المتقارب]
لَهَا مَنْخِرٌ كَوِجَارِ الضِّبَاعِ ... فَمِنْهُ تُرِيْحُ إِذَا تَنْبَهِرْ
لَهَا عُنُقٌ مِثْلُ جِذْعِ السَّحُوْقِ ... جَاءَ بِهِ عَايِصٌ مُعْتَمِرْ
لَهَا حَافِرٌ مثل قعب الوَلِيْدِ ... رُكِّبَ فِيْهِ وَظِيْفٌ عَجِرْ
وَكَقَوْلِ أبِي تَمَّامٍ (٣): [من البسيط]
كَالغَيْثِ إِنْ جِئْتهُ وَافَاكَ رَيِّقُهُ ... وَإِنْ تَرَحَّلْتَ عَنْهُ كَانَ فِي الطَّلَبِ
وَقَدْ اسْتَكْثَرَتِ الشُّعَرَاءُ مِنَ التَّشْبِيْهِ، وَتَفَنَّنَتْ بِأَلْفَاظِهَا وَقَرَائِحَهَا فِيْهِ، وَلَمْ يَخْلُ شِعْرٌ قَدِيْمٌ، وَلَا حَدِيْثٌ مِنْهُ، وَهَأنَا ذَاكِرٌ لُمعًا مِنْ مَحَاسِنِهِ الَّتِي وَقَعَ الإِجْمَاعُ عَلَى أنَّهَا أبْدَعُ مَا قِيْلَ فِيْهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ الأصْمَعِيُّ: اسْتَدْعَانِي الرَّشِيْدُ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي، وَقدْ انْصرَمَتْ قِطْعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، فَرَاعَتْنِي رُسُلُهُ، وَلَمْ أفتأ أَنْ مَثَلْتُ بِحَضرَتِهِ، وَإذَا فِي المَجْلِسِ يَحْيَى بن خَالِدٍ، وَجَعْفَرٌ وَالفَضْلُ. فَلَمَّا لَحَظَنِي الرَّشِيْدُ، اسْتَدْنَانِي، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، وَتَبَيَّنَ مَا لَبسَنِي مِنَ الوَجَلِ فَقَالَ: لِيُفْرِخْ رَوْعُكَ، فما أرَدْثُكَ إلَّا لِمَا يُرَادُ لَهُ مِثْلِكَ. فَمَكَثْتُ هُنَيْهَةً إلَى أَنْ ثَابَتْ إِلَيَّ نَفْسِي بَعْدَ أَنْ كَادَتْ تَطِيْرُ شَعَاعًا فَقَالَ: إنِّي نَازَعْتُ هَؤُلَاءِ، وَأوْمَأَ إلَى يَحْيَى وَجَعْفَرٍ وَالفَضلُ - قالت العَرَبُ فِي التَّشْبِيْهِ، وَلَمْ يَقَعْ إجْمَاعُنَا عَلَى بَيْتٍ يَكُونُ -- غَيْره، فَأرَدْنَاكَ لِفَصلِ هَذِهِ القَضيَّةِ وَاجْتِنَاءِ ثَمَرَة الخِطَارِ فِيْهَا. فَقُلْتُ: يا أمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، إنَّ التَّعْيِيْنَ عَلَى بَيْتٍ وَاحِدٍ فِي نَوْعٍ قَدْ تَوَسَّعَتْ فِيْهِ
(١) ديوانه ٢/ ٦٢٦.
(٢) ديوانه ص ١٦٣ - ١٦٥.
(٣) ديوانه ١/ ١١٣.
1 / 124