درر السلوك في سياسة الملوك

الماوردي ت. 450 هجري
58

درر السلوك في سياسة الملوك

محقق

فؤاد عبد المنعم أحمد

الناشر

دار الوطن

مكان النشر

الرياض

وَإِذا كَانَ باحثا عَن الْأَخْبَار انْكَشَفَ لَهُ غطاء الْغَفْلَة وانجلت عَنهُ شبه الْحيرَة فساس الْأُمُور ببصيرته وحرس الرّعية بإيقاظ عزيمته وتهيب أعوانه فعل الجرائر فاستقاموا وتجنبوا قبح المطالب فانصانوا وَتَكون عنايته بأخبار من بعد عَن حَضرته كعنايته بأخبار من قرب مِنْهَا بل رُبمَا كَانَ ذَلِك أهم لِأَن بعد الديار يبسط أَيدي الظلمَة فَإِذا وَافق بعد دَارهم قلَّة الاستخبار عَن أَحْوَالهم أمنُوا فِي اتِّبَاع أهوائهم وَسَكنُوا إِلَى الْغَفْلَة عَن أفعالهم فَكَانَت أَيْديهم مبسوطة فِي الرعايا وأهواؤهم محكمَة فِي القضايا فَرُبمَا أفْضى ذَلِك إِلَى فَسَاد نياتهم فِي الطَّاعَة لقبح آثَارهم وسو أفعالهم لِأَن الْمُسِيء مستوحش حذر الْملك من قبُول السّعَايَة فِي أَصْحَابه وَمِمَّا يَنْبَغِي للْملك أَن يحذرهُ قبُول السّعَايَة فِي أَصْحَابه فَإِن ذَلِك يوحش الناصح وَيسر الخائن وَيفتح للسعاية أَبْوَاب الرشى وليعلم أَن السَّاعِي لم يحملهُ على سَعْيه إفراط النَّصِيحَة مِنْهُ

1 / 111