درر الفرائد المستحسنة في شرح منظومة ابن الشحنة

ابن عبد الحق العمري ت. 1024 هجري
155

درر الفرائد المستحسنة في شرح منظومة ابن الشحنة

محقق

الدكتور سُلَيمان حُسَين العُمَيرات

الناشر

دار ابن حزم

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

- أَوَ صَوْنِ لِسَانِكَ عَنْهُ تَحْقِيْرًا لَهُ، نَحْوُ: (فَاسِقٌ فَاجِرٌ). وَلِلْإِنْكَارِ: أَيْ تأَتِّي الْإِنْكَارِ لَدَى الْحَاجَةِ، نَحْوُ: (فَاجِرٌ فَاسِقٌ) عِنْدَ قِيَامِ الْقَرِيْنَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ زَيْدٌ؛ لِيَتَأَتَّى لَكَ أَنْ تَقُوْلَ: مَا أَرَدْتُ زَيْدًا، بَلْ أَرَدْتُ غَيْرَهُ. وَالِاحْتِرَازِ: أَيْ عَنِ الْعَبَثِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِدَلَالَةِ الْقَرِيْنَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيْقَةِ هُوَ رُكْنٌ مِنَ الْكَلَامِ. أَوْ تَخْيِيْلِ الْعُدُوْلِ إِلَى أَقْوَى الدَّلِيْلَيْنِ مِنَ الْعَقْلِ وَاللَّفْظِ: فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ عِنْدَ الذِّكْرِ عَلَى دَلَالَةِ اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، وَعِنْدَ الْحَذْفِ عَلَى دَلَالَةِ الْعَقْلِ، وَهُوَ أَقْوَى؛ لِافْتِقَارِ اللَّفْظِ إِلَيْهِ، كَقَوْلِهِ: [الخفيف] قَالَ لِيْ: كَيْفَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: عَلِيْلُ ... . . . . . . . . . . . . . . . (١) لَمْ يَقُلْ: (أَنَا) عَلِيْلٌ؛ لِلِاحْتِرَازِ وَالتَّخْيِيْلِ الْمَذْكُوْرَيْنِ. أَوْ لِلِاخْتِبَارِ: أَيِ اخْتِبَارِ تَنَبُّهِ السَّامِعِ عِنْدَ الْقَرِيْنِةِ؛ هَلْ يَتَنَبَّهُ أَمْ لَا؟ أَوِ اخْتِبَارِ مِقْدَارِ تَنَبُّهِهِ هَلْ يَتَنَبَّهُ بِالْقَرَائِنِ الْخَفِيَّةِ أَمْ لَا؟ (٢) وَاعْلَمْ أَنَّ حَذْفَ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ بِمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ، بَلْ قَدْ يَكُوْنُ لِأُمُوْرٍ أُخَرَ غَيْرِ مَا ذَكَرَهُ؛ كَأَنْ يُحْذَفَ لِضِيْقِ الْمَقَامِ عَنْ ذِكْرِهِ (٣)، أَوْ

(١) تمامه: «سَهَرٌ دائمٌ وحُزْنٌ طويلُ» وهو بيت دائر، مُغفَل النِّسبة في دلائل الإعجاز ص ٢٣٨، ومفتاح العلوم ص ٢٦٦، والإيضاح ٢/ ٥ - ٣/ ١٢١، وإيجاز الطّراز ص ٢٤٣، ومعاهد التّنصيص ١/ ١٠٠ - ٢٨٠. (٢) كقولك: «قاهرُ الصَّليبيّين» تريد: صلاح الدّين الأيوبيّ. وكقولك: «كيدهُنَّ عظيمٌ» تريد: النِّساء. انظر: المفصّل في علوم البلاغة ص ٩٨، وما بعدها. (٣) بسبب: ضيقٍ أو سآمة: كقوله تعالى: ﴿فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ [الذّاريات: ٢٩]، فلم تقلْ: أنا عجوز؛ لِما تُحِسُّه من ضيقِ الصَّدر؛ فهي لم تَلِدْ قَطُّ، وعُمرُها تسعٌ وتسعون سنةً، وعُمر إبراهيمَ مئةُ سنةٍ. أو خشيةِ فَواتِ فُرْصَة: كقول الصَّيّاد: «غزالٌ»؛ فإنّ المقامَ لا يَسَعُ أن يُقال: هذا غزالٌ فاصطادوه.

1 / 189