إذا شربت ماءً عذبًا زلالًا هذا اليوْم، فلماذا تحزنُ من ماءِ أمس الملحِ الأجاجِ، أو تهتمُّ لماءِ غدٍ الآسنِ الحارِّ.
إنك لو صدقت مع نفسِك بإرادةٍ فولاذيةٍ صارمةٍ عارمةٍ لأخضعتها لنظرية: (لن أعيش إلى هذا اليوْم) . حينها تستغلُّ كلَّ لحظة في هذا اليوم في بناءِ كيانِك وتنميةِ مواهبك، وتزكيةِ عملكُ، فتقول: لليوم فقطْ أُهذِّبُ ألفاظي فلا أنطقُ هُجرًا أو فُحْشًا، أو سبًّا، أو غيبةً، لليوم فقطْ سوف أرتبُ بيتي ومكتبتي، فلا ارتباكٌ ولا بعثرةٌ، وإنما نظامٌ ورتابةٌ. لليوم فقط سوف أعيشُ فأعتني بنظافةِ جسمي، وتحسين مظهري والاهتمامِ بهندامي، والاتزانِ في مشيتي وكلامي وحركاتي.
لليوم فقطْ سأعيشُ فأجتهدُ في طاعةِ ربِّي، وتأديةِ صلاتي على أكملِ وجهِ، والتزودِ بالنوافلِ، وتعاهدِ مصحفي، والنظرِ في كتبي، وحفظِ فائدةٍ، ومطالعةِ كتابٍ نافعٍ.
لليومِ فقطْ سأعيشُ فأغرسُ في قلبي الفضيلةً وأجتثُّ منه شجرة الشرِّ بغصونِها الشائكةِ من كِبْرٍ وعُجبٍ ورياءٍ وحسدٍ وحقدٍ وغِلًّ وسوءِ ظنٍّ.
لليوم فقط سوف أعيشُ فأنفعُ الآخرين، وأسدي الجميلَ إلى الغير، أعودُ مريضًا، أشيِّعُ جنازةً، أدُلُّ حيران، أُطعمُ جائعًا، أفرِّجُ عن مكروبٍ، أقفٌ مع مظلومٍ، أشفعُ لضعيفٍ، أواسي منكوبًا، أكرمُ عالمًا، أرحمُ صغيرًا، أجِلُّ كبيرًا.
1 / 37