ديوان البحتري

البحر : وافر تام 1

ألان علمت أن البعث حق ،

رأيت الخثعمي يقل أنفا ،

سما صعدا ، فقصر كل سام

صفحة ١

هو الجبل الذي لولا ذراه ،

زعم الغراب منبىء الأنباء ،

فاثلج ببرد الدمع صدرا واغرا ،

تأمرني بالعزاء ، وقد ترى

صر الفراق عن السلو عزيمتي ،

زدني اشتياقا بالمدام ، وغنني ،

فلعلني ألقى الردى ، فيريحني ،

أخذت ظهور الصالحية زينة

نسج الربيع لربعها ديباجة ،

بكت السماء بها رذاذ دموعها ،

صفحة ٢

في حلة خضراء نمنم وشيها

فاشرب على زهر الرياض يشوبه

من قهوة تنسي الهموم وتبعث ال

يخفي الزجاجة لونها ، فكأنها

ولها نسيم كالرياض ، تنفست

وفواقع مثل الدموع ، ترددت

يسقيكها رشأ يكاد يردها

يسعى بها ، وبمثلها من طرفه ،

ما للجزيرة والشآم تبدلا ،

جف الفرات ، وكان بحرا زاخرا ،

صفحة ٣

ولقد ترى بأبي سعيد مرة

إذ قيظها مثل الربيع ، وليلها

رحل الأمير محمد ، فترحلت

إن الأمير محمدا لمهذب ال

ملك ، إذا غشي السيوف بوجهه ،

قسمت يداه ببأسه وسماحه

ملئت قلوب العالمين بفعله ال

أغنى جماعة طيء عما ابتنت

فإذا هم افتخروا به لم ينجحوا

صعدوا جبالا من علاك ، كأنها

صفحة ٤

واستمطروا في المحل منك خلائقا ،

وضمنت ثار محمد لهم على

ما انفك سيفك غاديا ، أو رائحا

حتى كفيتهم الذي استكفوك من

ما زلت تقرع باب بابك بالقنا ،

حتى أخذت بنصل سيفك عنوة ،

أخليت منه البذ ، وهي قراره ،

لم يبق فيه خوف بأسك مطمعا

فتراه مطردا على أعواده ،

مستشرفا للشمس ، منتصبا لها ،

صفحة ٥

ووصلت أرض الروم وصل كثير

في كل يوم قد نتجت منية

سهلت منها وعر كل حزونة ،

بالخيل تحمل كل أشعث دراع ،

وعصائب يتهافتون ، إذا ارتمى

والدهر ذو دول ، تنقل في الورى

يمشون في زغف ، كأن متونها ،

بيض تسيل ، على الكماة ، فضولها

فإذا الأسنة خالطتها خلتها

صفحة ٦

أبناء موت يطرحون نفوسهم

في عارض يدق الردى ، ألهبته

شلى على منويل أطراف القنا ،

لو أنه أبطا لهن ، هنية ،

لئن تبقاد القضاء لوقته ،

ثكلته أشياعه ، وتركته

صفحة ٧

حتى لو ارتشف الحديد ، أذابه

يا سعيد ، والأمر فيك عجيب ،

نضبت بيننا البشاشة والود

زرت رفها فأخلق الوصل بالوص

لا تغرنك حولة الدهر إن ال

وتعجب من غير ما أنا فيه ،

حفظ الله أحمد بن منيع ،

كان خل الأديب حقا وهل يع

لين قلقل ، له خلق عذ

ما نصيبين لي بدار ، وما لي

صفحة ٨

فتجمل لنا قليلا كما كن

أجدك ما ينفك يسري لزينبا

سرى من أعالي الشام يجلبه الكرى ،

وما زارني ، إلا ولهت صبابة

وليلتنا بالجزع بات مساعفا ،

أضرت بضوء البدر ، والبدر طالع ،

ولو كان حقا ما أتته لأطفأت

علمتك إن منيت منيت موعدا

وكنت أرى أن الصدود الذي مضى

فوا أسفي حتام أسأل مانعا ،

سأثني فؤادي عنك ، أو أتبع الهوى

صفحة ٩

أقول لركب معتفين : تدرعوا

ردوا نائل الفتح بن خاقان إنه

هو العارض الثجاج ، أخضل جوده ،

إذا ما تلظى في وغى أصعق العدى ،

رزين ، إذا ما القوم خفت حلومهم ،

حياتك أن يلقاك بالجود راضيا ،

حرون ، إذا عازرته في ملمة ،

فتى لم يضيع وجه حزم ، ولم يبت

إذا هم لم يقعد به العجز مقعدا ،

أعير مودات الصدور ، وأعطيت

صفحة ١٠

وقيناك صرف الدهر بالأنفس التي

فلم تخل من فضل يبلغك التي

وما نقم الحساد إلا أصالة

وقد جربوا بالأمس منك عزيمة

غداة لقيت الليث ، والليث مخدر

يحصنه من نهر نيزك معقل

مرود مغارا بالظواهر مكثبا ،

يلاعب فيه أقحوانا مفضضا ،

إذا شاء غادى عانة ، أو غدا على

يجر إلى أشباله كل شارق ،

صفحة ١١

ومن يبغ ظلما في حريمك ينصرف

شهدت لقد أنصفته يوم تنبري

فلم أر ضرغامين أصدق منكما

هزبر مشى يبغي هزبرا ، وأغلب

أذل بشغب ثم هالته صولة ،

فأحجم لما لم يجد فيك مطعما ،

فلم يغنه أن كر نحوك مقبلا ،

حملت عليه السيف لا عزمك انثنى ،

وكنت متى تجمع يمنيك تهتك ال

ألنت لي الأيام من بعد قسوة ،

صفحة ١٢

وألبستني النعمى التي غيرت أخي

فلا فزت من مر الليالي براحة ،

على أن أفواف القوافي ضوامن

ثناء تقصى الأرض نجدا وغائرا ،

صفحة ١٣

إما ألم ، فبعد فرط تجنب ،

هجر المنازل برهة حتى انبرت

وهو الخلي ، وإن أعير صبابة

إن الفراق جلا لنا عن غادة

ألوت بموعدها القديم ، وآيست

وأرت عهود الغانيات صبابتي

فعلام فيض مدامع تدق الجوى ،

وسهاد عين ما يزال يروقها

جزت البخيل وقد عثرت بمنعه

صفحة ١٤

وعذرت سيفي في نبو غراره ،

وأحب آفاق البلاد ، إلى الفتى ،

كم مشرقي قد نقلت نواله ،

ولدى بني يزدان حيث لقيتهم

فإذا لقيتهم فموكب أنجم

قاسي الضمير على التلاد ، كأنما

حاط الخلافة ناصحا ومدبرا ،

ولو أنهم ندبوه للأخرى ، إذا

أفديك من عتب الصديق ، وإنه

لاقيت جودك بالسماع ، ودوننا

صفحة ١٥

ورأيت بشرك والتنايف دونه ،

وتبسماتك للعطاء ، كأنها

هل أنت مبلغني التي أغدو لها

لو يوقد المصباح منه لسامحت

إما أغر تشق غرته الدجى ،

متقارب الأقطار ، يملأ حسنه

وأجل سيبك أن تكون قناعتي

وإذا التقى شعري وجودك يسرا ال

صفحة ١٦

كم بالكثيب من اعتراض كثيب

وبذي الأراكة من مصيف لابس

دمن لزينب ، قبل تشريد النوى

تأبى المنازل أن تجيب ، ومن جوى

هل تبلغنهم السلام دجنة ،

أو تدنينهم نوازع في البرى ،

فسقى الغضا والنازليه ، وإن هم

وقصار أيام به شرقت لنا

كانت فنون بطالة ، فتقطعت

صفحة ١٧

إما دنوت من السلو مرويا

فلربما لبيت داعية الصبى ،

يعشى عن المجد الغبي ، ولن ترى

والأرض تخرج في الوهاد ، وفي الربى ،

وإذا أبو الفضل استعار سجية

لا يحتذي خلق القصي ، ولا يرى

تمضي صريمته ، وتوقد رأيه ،

شرف تتابع كابرا عن كابر ،

وأرى النجابة لا يكون تمامها

قمر من الفتيان ، أبيض صادع

صفحة ١٨

أغنى خطوب الدهر ، حتى كفها ،

وإذا اجتداه المجتدون ، فإنه

كرمت خلائقه ، فصرن قبائلا

كم حزن من ذكر لغفل خامل ،

دان على أيدي العفاة ، وشاسع

كالبدر أفرط في العلو ، وضوءه

يهني بني نيبخت أن جيادهم

إن قيل : ربعي الفخار ، فإنهم

صفحة ١٩

أو تجتبى أقلامهم لكتابة ،

أبا حسن إن حسن العزا

يضاعف فيه الإله الثوا

ومنزلة الصبر عند البلا

ومن نعم الله لا شك فيه

صفحة ٢٠