البحر : كامل أحذ ( ضحك الربيع إلى بكى الديم
وغدا يسوى النبت بالقمم
من بين أخضر لابس كمما
خضرا ، وأزهر غير ذي كمم
متلاحق الأطراف متسق
فكأنه قد طم بالجلم
متبلج الضحوات مشرقها
متأرج الأسحار والعتم
تجد الوحوش به كفايتها
والطير فيه عتيدة الطعم
فظباؤه تضحى بمنتطح
وحمامه تضحي بمختصم
والروض في قطع الزبرجد وال
ياقوت تحت لآلىء تؤم
طل يرقرقه على ورق
هاتيك أو خيلان غالية
وأرى البليغ قصور مبلغه
فغدا يهز أثائث الجمم
والدولة الزهراء والزمن ال
هار حسبك شافيى قرم
صفحة ١
إن الربيع لكالشباب وإن
صيف يكسعه لكالهرم
أشقائق النعمان بين ربى
نعمان أنت محاسن النعم
غدت الشقائق وهي واصفة
آلاء ذى الجبروت والعظم
ترف لأبصار كحلن بها
ليرين كيف عجائب الحكم
شعل تزيدك في النهار سنى
وتضيء في محلولك الظلم
أعجب بها شعلا على فحم
لم تشتعل في ذلك الفحم
وكأنما لمع السواد إلى
ما احمر منها في ضحى الرهم
حدق العواشق وسطت مقلا
نهلت وعلت من دموع دم
يا للشقائق إنها قسم
تزهى بها الأبصار في القسم
ما كان يهدى مثلها تحفا
إلا تطول بارئ النسم
صفحة ٢
البحر : كامل تام
متهلل زجل تحن رواعد
في حجزتيه وتستطير بروق
سدت أوائله سبيل أواخر
لم يدر سائقهن كيف يسوق
فسجا وأسعد حالبيه بدرة
منه سواعد ثرة وعروق
وتنفست فيه الصبا فتبجست
منه الكلى ، فأديمه معقوق
حتى إذا قضيت لقيعان الملا
عنه حقوق بعدهن حقوق
طفقت رواياه تجر مزادها
فوق الربى ومزادها مشقوق
وتضاحك الروض الكئيب لصوبه
حتى تفتق نوره المرتوق
وتنسمت نفحاته فكأنه
مسك تضوع فأره مفتوق
وتغرد المكاء فيه كأنه
طرب تعلل بالغناء مشوق
صفحة ٣
البحر : سريع
يا حبذا النرجس ريحانة
لأنف مغبوق ومصبوح
كأنه من طيب أرواحه
ركب من روح ومن روح
يا حسنه العين يا حسنه !
من لامح للشرب ملموح
كأنما الطل على نوره
ماء عيون غير مطروح
صفحة ٤
البحر : طويل
وهاجرة بيضاء يعدي بياضها
سوادا كأن الوجه منه محمم
أظل اذا كافحتها وكأنني
بوهاجها دون اللثام ملثم
يظل إذا أبدى لنا منه صفحة
ولا ماء لكن قورها الدهر عوم
ترى الآل فيها يلطم الآل مائجا
وبارحها المسموم للوجه الطم
صفحة ٥
البحر : طويل
وليل غشا ليل من الدجن فوقه
فليس لنجم في غواشيه منجم
عفا جلبه آي الهدى من سمائه
وأعلامه من أرضه فهي طسيم
لبست دجاه الجون ثم هتكته
بوجناء ينميها غرير وشدقم
عذافرة تنقض عن كل زجرة
كما انقض من ذي المنجنيق الململم
يخوض عليها لجة الهول راكب
هو السيف الا أنه لا يثلم
نجيب من الفتيان فوق نجيبة
من العيس في يهماء والليل أيهم
تريها الهدى حدسا وتنجو برحله
ودون الهدى سد من الليل مبهم
له راحة فيها الحطيم وزمزم
ولكن مخب للركاب ومسعم
ينوح به بوم وتعزف جنة
فيعوى لها سيد ويضبح سمسم
يخال بها من رز هذا وهذه
فتندى وتلقى عمرة فتقحم
صفحة ٦
تعسفته إما لخفض أناله
وإما سآم الخفض والخفض يسأم
صفحة ٧
البحر : طويل
أذاقتني الأسفار ما كره الغنى
الى وأغراني برفض المطالب
فأصبحت في الاثراء أزهد زاهد
وإن كنت في الاثراء أرغب راغب
حريصا ، جبانا ، أشتهي ثم أنتهي
بلحظي جناب الرزق لحظ المراقب
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه
فقير أتاه الفقر من كل جانب
تنازعني رغب ورهب كلاهما
قوي وأعياني اطلاع المغايب
فقدمت رجلا رغبة في رغيبة
وأخرت رجلا رهبة للمعاطب
أخاف على نفسي وأرجو مفازها
واستار غيب الله دون العواقب
الامن يريني غايتي قبل مذهبي
ومن أين والغايات بعد المذاهب ؟
صفحة ٨
البحر : طويل
ومن نكبة لاقيتها بعد نكبة
رهبت اعتساف الأرض ذات المناكب
وصبري على الأقتار أيسرمحملا
علي من التعرير بعد التجارب
لقيت من البر التباريح بعدما
لقيت من البحر ابيضاض الذوائب
سقيت على ري به ألف مطرة
شغفت لبغضيها بحب المجادب
ولم أسقها بل ساقها لمكيدتي
تحامق دهر جد بي كالملاعب
أبى أن يغيث الأرض حتى إذا ارتمت
برحلي أتاها بالغيوث السواكب
سقى الارض من أجلي فأضحت مزلة
تمايل صاحيها تمايل شارب
لتعويق سيري أو دحوض مطيتي
وإخصاب مزور عن المجد ناكب
فملت الى خان مرث بناؤه
مميل غريق الثوب لهفان لاغب
فلم ألق فيه م ستراحا لمتعب
ولا نزلا ايان ذاك لساغب ؟
صفحة ٩
فما زلت في خوف وجوع ووحشة
وفي سهر يستغرق الليل واصب
يؤرقني سقف كأني تحته
من الوكف تحت المدجنات الهواضب
تراه اذا ما الطين أثقل متنه
تصر نواحيه صرير الجنادب
وكم خان سفر خان فانقض فوقهم
كما انقض صقر الدجن فوق الأرانب
ولم أنس ما لاقيت أيام صحوه
من الصر فيه والثلوج الأشاهب
وما زال ضاحي البر يضرب أهله
بسوطي عذاب جامد بعد ذائب
فإن فاته قطر وثلج فإنه
رهين بساف تارة أو بحاصب
فذاك بلاء البر عندي شاتيا
وكم لي من صيف به ذي مثالب
ألا رب نار بالفضاء اصطليتها
من الضح يودي لفحها بالحواجب
إذا ظلت البيداء تطفو إكامها
وترسب في غمر من الآل ناضب
صفحة ١٠
فدع عنك ذكر البر إني رأيته
لمن خاف هول البحر شر المهاوب
كلا نزليه صيفه وشتاؤه
خلاف لما أهواه غير مصاقب
لهاث مميت تحت بيضاء سخنة
وري مفيت تحت أسحم صائب
يجف إذا ما أصبح الريق عاصبا
ويغدق لي والريق ليس بعاصب
فيمنع مني الماء واللوح جاهد
إلي وأغراني برفض المطالب
وما زال يبغيني الحتوف مواربا
يحوم على قتلي وغير موارب
فأعطيت ذا سلم وحرب ووصلة
وطورا يمسيني بورد الشوارب
فأفلت من ذؤبانه وأسوده
وحرابه إفلات أتوب تائب
صفحة ١١
البحر : طويل
وأما بلاء البحر عندي فإنه
فإنه طواني على روع مع الروح واقب
ولو ثاب عقلي لم أدع ذكر بعضه
ولكنه من هوله غير ثائب
ولم لا ولو ألقيت فيه وصخرة
لوافيت منه القعر أول راسب
ولم أتعلم قط من ذي سباحة
سوى الغوص ، والمضعوف غير مغالب
فأيسر إشفاقي من الماء أنني
أمر به في الكوز مر المجانب
وأخشى الردى منه على كل شارب
فكيف بأمنيه على نفس راكب
أظل إذا هزته ريح ولألأت
له الشمس أمواجا طوال الغوارب
كأني أرى فيهن فرسان بهمة
يليحون نحوي بالسيوف القواضب
فأن قلت لي قد يركب اليم طاميا
ودجلة عند اليم بعض المذانب
فلا عذر فيها لامرء هاب مثلها
وفي اللجة الخضراء عذر لهائب
صفحة ١٢
فإن احتجاجي عنك ليس بنائم
وإن بياني ليس عني بعازب
لدجلة خب ليس لليم ، إنها
تراءى بحلم تحته جهل واثب
تطامن حتى تطمئن قلوبنا
وتغضب من مزح الرياح الواعب
إلى أن يوارى فيه رهن النوائب
وغدر ، ففيها كل عيب لعائب
يرانا إذا هاجت بها الريح هيجة
تزلزل في حوماتها بالقوارب
نوائل من زلزالها نحو خسفها
فلا خير في أوساطها والجوانب
زلازل موج في غمار زواخر
وهدات خسف في شطوط خوارب
يحوم على قتلي وغير موارب
وما فيه من آذية المتراكب
وإن خيف موج عيذ منه بساحل
خلي من الأجراف ذات الكباكب
ويلفظ ما فيه فليس معاجلا
غريقا بغت يزهق النفس كارب
صفحة ١٣
يعلل غرقاه إلى أن يغيثهم
بصنع لطيف منه خير مصاحب
فتلقى الدلافين الكريم طباعها
هناك رعالا عند نكب النواكب
مراكب للقوم الذين كبا بهم
فهم وسطه غرقى وهم في مراكب
وينقض ألواح السفين فكلها
فمن ساد قوما أوجب الطول أن يرى
وما أنا بالراضي عما البحر مركبا
ولكنني عارضت شغب المشاغب
صفحة ١٤
البحر : طويل
وقد أغتدي للطير والطير هجع
ولو أوجست مغداي ما بتن هجعا
بخلين تما بي ثلاثة اخوة
جسومهم شتى وأرواحهم معا
مطيعين أهواء توافت على هوى
فلو أرسلت كالنبل لم تعد موقعا
إذا ما دعا منه خليل خليله
بأفديك لباه مجيبا فأسرعا
كأن له في كل عضو ومفصل
وجارحة قلبا من الجمر أصمعا
فثاروا إلى آلاتهم فتقلدوا
خرايط حمرا تحمل السم منقعا
محملة زادا خفيفا مناطه
إلى موقف المرمى فأقبلن نزعا
وقد وقفوا للحائنات وشمروا
لهن إلى الأنصاف ساقا وأذرعا
وجدت قسى القوم في الطير جدها
فظلت سجودا للرماة وركعا
مخافة أن يذهبن في الجو ضيعا
ولاحظت النوار وهي مريضة
صفحة ١٥
طرائح من سود بيض نواصع
تخال أديم الأرض منهن أبقعا
نؤلف منها بين شتى وإنما
نشتت من ألافها ما تجمعا
فكم ظاعن منهن مزمع رحلة
قصرنا نواه دون ما كان أزمعا
وكم قادم منهن مرتاد منزل
أناخ به منا منيخ فجعجعا
كأن بنات الماء في صرح متنه
تقول إذا راع الرمي حفيفها :
زرابى كسرى بثها في صحانه
ليحضر وفدا أو ليجمع مجمعا
تريك ربيعا في خريف وروضة
على لجة : بدعا من الأمر مبدعا
صفحة ١٦
البحر : طويل
ودائعهم إلا لكي لا تضيعا
بنات المنايا والحنى الموتر
لها ألسن ما تستفيق لهاتها
فلو أبصرت عيناك يوما مقامنا
صفحة ١٧
البحر : خفيف تام
خير ما استعصمت به الكف عضب
ذكر حده ، أنيث المهز
ليست من العبس الاكف
ولا الفلح الشفاه ، الخبائث العرق
ما تأملته بعينيك إلا
أرعدت صفحتاه من غير هز
مثله أفزع الشجاع إلى الدر
ع ، فغالى بها على كل بز
ما يبالى أصممت شفرتاه
في محز أم جارتا عن محز
أسي على تلك الشموس الدوالك ~
عجائب تصبي كل صاب وناسك
صبغة حب القلوب والحدق
يفتر ذاك السواد عن يقق
من ثغرها كاللاليء النسق
صفحة ١٨
البحر : طويل
وصفراء بكر ، لاقذاها مغيب
ولاسر من حلت حشاه مكتم
ينم على الأمرين فرط صفائها
وسورتها حتى يبوح المجمجم
مذاق ومسرى في العروق كلاهما
الذ من البرء الجديد وأنعم
اذا نزلت بالهم في دار أهله
غدا الهم وهو المرهق المتهضم
أقامت ببيت النار تسعين حجة
وعشرا يصلى حولها ويزمزم
سقتني بها بيضاء ، فوها وكأسها
شبيها مذاق عند من يتطعم
ينم على الأمرين فرط صفائها
ترقرق دمعا ، بل ثغور تبسم
يضاحك روق الشمس منها مضاحك
مدامعه من واقع الطل سجم
كمستعبر مستبشر بعد حزنه
لبين خليط قوضوا ثم خيموا
ينم على الأمرين فرط صفائها
ربيب الفيافي والربيب المتوم
صفحة ١٩
اذا نصبا جيديهما فكلاهما
سواء وأبريق لدي مفدم
ثلاثة أظب نجرها غير واحد
لذي اللهو فيها كلها متنعم
غزال ، وأبريق رذوم ، وغادة
لتفتر عنه في مواطن جمة
صفحة ٢٠