1 ديوان عنترة بن شداد في رواية الشنتمري عن الأصمعي
هل غادر الشعراء من متردم
أم هل عرفت الدار بعد توهم
أعياك رسم الدار لم يتكلم
حتى تكلم كالأصم الأعجم
ولقد حبست بها طويلا ناقتي
أشكو إلى سفع رواكد جثم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي
وعمي صباحا دار عبلة واسلمي
دار لآنسة غضيض طرفها
طوع العناق لذيذة المتبسم
فوقفت فيها ناقتي وكأنها
فدن لأقضي حاجة المتلوم
وتحل عبلة بالجواء وأهلنا
بالحزن فالصمان فالمتثلم
حييت من طلل تقادم عهده
أقوى وأقفر بعد أم الهيثم
شطت مزار العاشقين فأصبحت
عسرا علي طلابك ابنة مخرم
صفحة غير معروفة
علقتها عرضا وأقتل قومها
زعما ورب البيت ليس بمزعم
ولقد نزلت فلا تظني غيره
مني بمنزلة المحب المكرم
كيف المزار وقد تربع أهلها
بعنيزتين وأهلنا بالغيلم
إن كنت أزمعت الفراق فإنما
شدت ركابكم بليل مظلم
ما راعني إلا حمولة أهلها
وسط الديار تسف حب الخمخم
فيها اثنتان وأربعون حلوبة
سودا كخافية الغراب الأسحم
إذ تستبيك بأصلتي ناعم
عذب مقبله لذيذ المطعم
وكأنما نظرت بعيني شادن
رشأ من الغزلان ليس بتوأم
وكأن فأرة تاجر بقسيمة
سبقت عوارضها إليك من الفم
أو روضة أنفا تضمن نبتها
غيث قليل الدمن ليس بمعلم
صفحة غير معروفة
أو عاتقا من أذرعات معتقا
مما تعتقه ملوك الأعجم
جادت عليها كل عين ثرة
فتركن كل حديقة كالدرهم
سحا وتسكابا فكل عشية
يجري عليها الماء لم يتصرم
فترى الذباب بها يغني وحده
هزجا كفعل الشارب المترنم
غردا يسن ذراعه بذراعه
فعل المكب على الزناد الأجذم
تمسي وتصبح فوق ظهر حشية
وأبيت فوق سراة أدهم ملجم
وحشيتي سرج على عبل الشوى
نهد مراكله نبيل المحزم
هل تبلغني دارها شدنية
لعنت بمحروم الشراب مصرم
خطارة غب السرى زيافة
تقص الإكام بكل خف ميثم
وكأنما أقص الإكام عشية
بقريب بين المنسمين مصلم
صفحة غير معروفة
يأوي إلى حزق النعام كما أوت
حزق يمانية لأعجم طمطم
يتبعن قلة رأسه وكأنه
زوج على حرج لهن مخيم
صعل يعود بذي العشيرة بيضه
كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
شربت بماء الدحرضين فأصبحت
زوراء تنفر عن حياض الديلم
وكأنما ينأى بجانب دفها ال
وحشي بعد مخيلة وتزغم
هر جنيب كلما عطفت له
غضبى اتقاها باليدين وبالفم
أبقى لها طول السفار مقرمدا
سندا ومثل دعائم المتخيم
بركت على ماء الرداع كأنما
بركت على قصب أجش مهضم
وكأن ربا أو كحيلا معقدا
حش القيان به جوانب قمقم
ينباع من ذفرى غضوب حرة
زيافة مثل الفنيق المقرم
صفحة غير معروفة
إن تغدفي دوني القناع فإنني
طب بأخذ الفارس المستلئم
أثني علي بما علمت فإنني
سمح مخالقتي إذا لم أظلم
فإذا ظلمت فإن ظلمي باسل
مر مذاقته كطعم العلقم
ولقد شربت من المدامة بعدما
ركد الهواجر بالمشوف المعلم
بزجاجة صفراء ذات أسرة
قرنت بأزهر في الشمال مفدم
فإذا شربت فإنني مستهلك
مالي وعرضي وافر لم يكلمي
وإذا صحوت فما أقصر عن ندى
وكما علمت شمائلي وتكرم
وحليل غانية تركت مجدلا
تمكو فريصته كشدق الأعلم
عجلت يداي له بمارن طعنة
ورشاش نافذة كلون العندم
هلا سألت القوم يا ابنة مالك
إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
صفحة غير معروفة
إذ لا أزال على رحالة سابح
نهد تعاوره الكماة مكلم
طورا يعرض للطعان وتارة
يأوي إلى حصد القسي عرمرم
يخبرك من شهد الوقائع أنني
أغشى الوغى وأعف عند المغنم
ومدجج كره الكماة نزاله
لا ممعن هربا ولا مستسلم
جادت يداي له بعاجل طعنة
بمثقف صدق القناة مقوم
برحيبة الفرغين يهدي جرسها
بالليل معتس السباع الضرم
كمشت بالرمح الطويل ثيابه
ليس الكريم على القنا بمحرم
وتركته جزر السباع ينشنه
ما بين قلة رأسه والمعصم
ومشك سابغة هتكت فروجها
بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
ربذ يداه بالقداح إذا شتا
هتاك غايات التجار ملوم
صفحة غير معروفة
بطل كأن ثيابه في سرحة
يحذى نعال السبت ليس بتوأم
لما رآني قد قصدت أريده
أبدى نواجذه لغير تبسم
فطعنته بالرمح ثم علوته
بمهند صافي الحديدة مخذم
عهدي به شد النهار كأنما
خضب اللبان ورأسه بالعظلم
يا شاة ما قنص لمن حلت له
حرمت علي وليتها لم تحرم
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي
فتحسسي أخبارها لي واعلمي
قالت رأيت من الأعادي غرة
والشاة ممكنة لمن هو مرتم
فكأنما التفتت بجيد جداية
رشأ من الغزلان حر أرثم
نبئت عمرا غير شاكر نعمتي
والكفر مخبثة لنفس المنعم
ولقد حفظت وصاة عمي بالضحى
إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم
صفحة غير معروفة
في حومة الموت التي لا تشتكي
غمراتها الأبطال غير تغمغم
إذ يتقون بي الأسنة لم أخم
عنها ولو أني تضايق مقدمي
لما رأيت القوم أقبل جمعهم
يتذامرون كررت غير مذمم
يدعون عنتر والرماح كأنها
أشطان بئر في لبان الأدهم
ما زلت أرميهم بثغرة نحره
ولبانه حتى تسربل بالدم
فازور من وقع القنا بلبانه
وشكا إلي بعبرة وتحمحم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
أو كان يدري ما جواب تكلمي
والخيل تقتحم الخبار عوابسا
من بين شيظمة وأجرد شيظم
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها
قيل الفوارس ويك عنتر قدم
ذلل جمالي حيث شئت مشايعي
لبي وأحفزه برأي مبرم
صفحة غير معروفة
إني عداني أن أزورك فاعلمي
ما قد علمت وبعض ما لم تعلمي
حالت رماح بني بغيض دونكم
وزوت جواني الحرب من لم يجرم
ولقد كررت المهر يدمى نحره
حتى اتقتني الخيل بابني حذيم
ولقد خشيت بأن أموت ولم تدر
للحرب دائرة على ابني ضمضم
الشاتمي عرضي ولم أشتمهما
والناذرين إذا لم القهما دمي
إن يفعلا فلقد تركت أباهما
جزرا لخامعة ونسر قشعم
2
ألا قاتل الله الطلول البواليا
وقاتل ذكراك السنين الخواليا
وقولك للشيء الذي لا تناله
إذا ما هو احلولى ألا ليت ذا ليا
ونحن منعنا بالفروق نساءنا
نطرف عنها مشعلات غواشيا
صفحة غير معروفة
حلفنا لهم والخيل تردي بنا معا
نزايلكم حتى تهروا العواليا
عوالي زرقا من رماح ردينة
هرير الكلاب يتقين الأفاعيا
تفاديتم أستاه نيب تجمعت
على رمة من العظام تفاديا
ألم تعلموا أن الأسنة أحرزت
بقيتنا لو أن للدهر باقيا
أبينا أبينا أن تضب لثاتكم
على مرشقات كالظباء عواطيا
وقلت لمن قد أخطر الموت نفسه
ألا من لأمر حازم قد بدا ليا
وقلت لهم ردوا المغيرة عن هوى
سوابقها وأقبلوها النواصيا
فما وجدونا بالفروق أشابة
ولا كشفا ولا دعينا مواليا
وإنا نقود الخيل حتى رؤوسها
رؤوس نساء لا يجدن فواليا
تعالوا إلى ما تعلمون فإنني
أرى الدهر لا ينجي من الموت ناجيا
صفحة غير معروفة
3
ألا هل أتاها أن يوم عراعر
شفى سقما لو كانت النفس تشتفي
فجئنا على عمياء ما جمعوا لنا
بأرعن لا خل ولا متكشف
تماروا بنا إذ يمدرون حياضهم
على ظهر مقضي من الأمر محصف
وما نذروا حتى غشينا بيوتهم
بغيبة موت مسبل الودق مزعف
فظلنا نكر المشرفية فيهم
وخرصان لدن السمهري المثقف
علالتنا في كل يوم كريهة
بأسيافنا والقرح لم يتقرف
أبينا فلا نعطي السواء عدونا
قياما بأعضاد السراء المعطف
بكل هتوف عجسها رضوية
وسهم كسير الحميري المؤنف
فإن يك عز في قضاعة ثابت
فإن لنا برحرحان وأسقف
صفحة غير معروفة
كتائب شهبا فوق كل كتيبة
لواء كظل الطائر المتصرف
4
أحولي تنفض استك مذرويها
لتقتلني فها أنا ذا عمارا|
متى ما نلتقي فردين ترجف
روانف أليتيك وتستطارا
وسيفي صارم قبضت عليه
أشاجع لا ترى فيها انتشارا
وسيفي كالعقيقة وهو كمعي
سلاحي لا أفل ولا فطارا
وكالورق الخفاف وذات غرب
ترى فيها عن الشرع ازورارا
ومطرد الكعوب أحص صدق
تخال سنانه بالليل نارا
ستعلم أينا للموت أدنى
إذا دانيت بي الأسل الحرارا
وللرعيان في لقح ثمان
تهادنهن صرا أو غرارا
صفحة غير معروفة
أقام على خسيستهن حتى
لقحن ونتج الأخر العشارا
وقظن على لصاف وهن غلب
ترن متونها ليلا ظؤارا
ومنجوف له منهن صرع
يميل إذا عدلت به الشوارا
أقل عليك ضرا من قريح
إذا أصحابه ذمروه سارا
وخيل قد زحفت لها بخيل
عليها الأسد تهتصر اهتصارا
5
نأتك رقاش إلا عن لمام
وأمسى حبلها خلق الرمام
وما ذكري رقاش إذا استقرت
لدى الطرفاء عند ابني شمام
ومسكن أهلها من بطن جزع
تبيض به مصائيف الحمام
وقفت وصحبتي بأرينبات
على أقتاد عوج كالسمام
صفحة غير معروفة
فقلت تبينوا ظعنا أراها
تحل شواحطا جنح الظلام
وقد كذبتك نفسك فاكذبنها
لما منتك تغريرا قطام
ومرقصة رددت الخيل عنها
وقد همت بإلقاء الزمام
فقلت لها اقصري منه وسيري
وقد قرع الجرائر بالخدام
أكر عليهم مهري كليما
قلائده سبائب كالقرام
كأن دفوف مرجع مرفقيه
توارثها منازيع السهام
تقعس وهو مضطمر مضر
بقارحه على فأس اللجام
يقدمه فتى من خير عبس
أبوه وأمه من آل حام
6
طال الثواء على رسوم المنزل
بين اللكيك وبين ذات الحرمل
صفحة غير معروفة
فوقفت في عرصاتها متحيرا
أسل الديار كفعل من لم يذهل
لعبت بها الأنواء بعد أنيسها
والرامسات وكل جون مسبل
أفمن بكاء حمامة في أيكة
ذرفت دموعك فوق ظهر المحمل
كالدر أو فضض الجمان تقطعت
منه عقائد سلكه لم يوصل
لما سمعت دعاء مرة إذ دعا
ودعاء عبس في الوغى ومحلل
ناديت عبسا فاستجابوا بالقنا
وبكل أبيض صارم لم ينحل
حتى استباحوا آل عوف عنوة
بالمشرفي وبالوشيج الذبل
إني امرؤ من خير عبس منصبا
شطري وأحمي سائري بالمنصل
إن يلحقوا أكرر وإن يستلحموا
أشدد وإن يلقوا بضنك أنزل
حين النزول يكون غاية سيرنا
ويفر كل مضلل مستوهل
صفحة غير معروفة
ولقد أبيت على الطوى وأظله
حتى أنال به كريم المأكل
وإذا الكتيبة أجحمت وتلاحظت
ألفيت خيرا من معم مخول
والخيل تعلم والفوارس أنني
فرقت جمعهم بطعنة فيصل
إذ لا أبادر في المضيق فوارسي
ولا أوكل بالرعيل الأول
ولقد غدوت أمام راية غالب
يوم الهياج وما غدوت بأعزل
بكرت تخوفني الحتوف كأنني
أصبحت عن غرض الحتوف بمعزل
فأجبتها إن المنية منهل
لا بد أن أسقى بكأس المنهل
فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي
أني امرؤ سأموت إن لم أقتل
إن المنية لو تمثل مثلت
مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل
والخيل ساهمة الوجوه كأنما
تسقى فوارسها نقيع الحنظل
صفحة غير معروفة
وإذا حملت على الكريهة لم أقل
بعد الكريهة ليتني لم أفعل
7
عجبت عبيلة من فتى متبذل
عاري الأشاجع شاحب كالمنصل
شعث المفارق مبهج سرباله
لم يدهن حولا ولم يترجل
لا يكتسي إلا الحديد إذا اكتسى
وكذاك كل مغاور مستبسل
قد طال ما لبس الحديد فإنما
صدأ الحديد بجلده لم يغسل
فتضاحكت عجبا وقالت قولة
لا خير فيك كأنها لم تحفل
فعجبت منها كيف زلت عينها
عن ماجد طلق اليدين شمردل
لا تصرميني يا عبيل وراجعي
في البصيرة نظرة المتأمل
فلرب أملح منك دلا فاعلمي
وأقر في الدنيا لعين المجتلي
صفحة غير معروفة
وصلت حبالي بالذي أنا أهله
من ودها وأنا رخي المطول
يا عبل كم من غمرة باشرتها
بالنفس ما كادت لعمرك تنجل
فيها لوامع لو شهدت زهاءها
لسلوت بعد تخضب وتكحل
إما تريني قد نحلت ومن يكن
غرضا لأطراف الأسنة ينحل
فلرب أبلج مثل بعلك بادن
ضخم على ظهر الجواد مهبل
غادرته متعفرا أوصاله
والقوم بين مجرح ومجدل
فيهم أخو ثقة يضارب نازلا
بالمشرفي وفارسا لم ينزل
ورماحنا تكف النجيع صدورها
وسيوفنا تخلي الرقاب فتختل
والهام تندر بالصعيد كأنما
تلقى السيوف بها رؤوس الحنظل
ولقد لقيت الموت يوم لقيته
متسربلا والسيف لم يتسربل
صفحة غير معروفة
فرأيتنا ما بيننا من حاجز
إلا المجن ونصل أبيض مقصل
ذكر أشق به الجماجم في الوغى
وأقول لا تقطع يمين الصيقل
ولرب مشعلة وزعت رعالها
بمقلص نهد المراكل هيكل
سلس المعذر لاحق أقرابه
متقلب عبثا بفأس المسحل
نهد القطاة كأنها من صخرة
ملساء يغشاها المسيل بمحفل
وكأن هاديه إذا استقبلته
جذع أذل وكان غير مذلل
وكأن مخرج روحه في وجهه
سربان كانا مولجين لجيأل
وكأن متنيه إذا جردته
ونزعت عنه الجل متنا إيل
وله حوافر موثق تركيبها
صم النسور كأنها من جندل
وله عسيب ذو سبيب سابغ
مثل الرداء على الغني المفضل
صفحة غير معروفة
سلس العنان إلى القتال فعينه
قبلاء شاخصة كعين الأحول
وكأن مشيته إذا نهنهته
بالنكل مشية شارب مستعجل
فعليه أقتحم الهياج تقحما
فيها وأنقض انقضاض الأجدل
8
ظعن الذين فراقهم أتوقع
وجرى ببينهم الغراب الأبقع
حرق الجناح كأن لحيي رأسه
جلمان بالأخبار هش مولع
فزجرته ألا يفرخ عشه
أبدا ويصبح واحدا يتفجع
إن الذين نعيت لي بفراقهم
قد أسهروا ليلي التمام فأوجعوا
ومغيرة شعواء ذات أشلة
فيها الفوارس حاسر ومقنع
فزجرتها عن نسوة من عامر
أفخاذهن كأنهن الخروع
صفحة غير معروفة