البحر : طويل
إليك كتابا من محب متيم
يترجم عما في الفؤاد تقررا
تضمن من نيران شوقي مجامرا
وأودعت فيه من سلامي عنبرا
صفحة ١
البحر : خفيف تام
قال كم صانع الزمان حميرا
يتخطون فوق بسط الحرير
قلت لن تشتفي بذم أناس
بهم صرت حاسدا للحمير
صفحة ٢
البحر : بسيط تام
تنبهوا واستفيقوا أيها العرب
فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب
فيم التعلل بالآمال تخدعكم
وأنتم بين راحات الفنا سلب
الله أكبر ما هذا المنام فقد
شكاكم المهد واشتاقكم الرب
كم تظلمون ولستم تشتكون وكم
تستغضبون فلا يبدو لكم غضب
ألفتم الهون حتى صار عندكم
طبعا وبعض طباع المرء مكتسب
وفارقتكم لطول الذل نخوتكم
فليس يؤلمكم خسف ولا عطب
لله صبركم لو أن صبركم
في ملتقى الخيل حين الخيل تضطرب
كم بين صبر غدا للذل مجتلبا
وبين صبر غدا للعز يحتلب
فشمروا وانهضوا للأمر وابتدروا
من دهركم فرصة ضنت بها الحقب
لا تبتغوا بالمنى فوزا لأنفسكم
لا يصدق الفوز ما لم يصدق الطلب
صفحة ٣
خلوا التعصب عنكم واستووا عصبا
على الوثام ودفع الظلم تعتصب
لأنتم الفئة الكثرى وكم فئة
قليلة تم إذ ضمت لها الغلب
هذا الذي قد رمى بالضعف قوتكم
وغادر الشمل منكم وهو منشعب
وسلط الجور في أقطاركم فغدت
وارضها دون أقطار الملا خرب
وحكم العلج فيكم مع مهانته
يقتادكم لهواه حيث ينقلب
من كل وغد زنيم ما له نسب
يدرى وليس له دين ولا أدب
وكل ذي خنث في الفخش منغمس
يزداد بالحك في وجعآئه الجرب
سلاحهم في وجوه الخصم مكرهم
وخير جندكم التدليس والكذب
لا يستقيم لهم عهد إذا عقدوا
ولا يصح لهم وعد إذا ضربوا
إذا طلبت إلى ود لهم سببا
فما إلى ودهم غير الخنى سبب
صفحة ٤
والحق والبطل في ميزانهم شرع
فلا يميل سوى ما ميل الذهب
أعناقكم لهم رق وما لكم
بين الدمى والطلا والنرد منتهب
باتت سمان نعاج بين أذرعكم
وبات غيركم للدر يحتلب
فصاحب الأرض منكم ضمن ضيعته
مستخدم وربيب الدار مغترب
وما دماؤكم أغلى إذا سفكت
من ماء وجه لهم في الفحش ينسكب
وليس أعراضكم أغلى إذا انتهكت
من عرض مملوكهم بالفلس يجتلب
بالله يا قومنا هبوا لشأنكم
فكم تناديكم الأشعار والخطب
ألستم من سطوا في الأرض وافتتحوا
شرقا وغربا وعزوا أينما ذهبوا
ومن أذلوا الملوك الصيد فارتعدت
وزلزل الأرض مما تحتها الرهب
ومن بنوا لصروح العز أعمدة
تهوى الصواعق عنها وهي تنقلب
صفحة ٥
فما لكم ويحكم أصبحتم هملا
ووجه عزكم بالهون منتقب
لا دولة لكم يشتد أزركم
بها ولا ناصر للخطب ينتدب
وليس من حرمة أو رحمة لكم
تحنوا عليكم إذا عضتكم النوب
أقدراكم في عيون الترك نازلة
وحقكم بين أيدي الترك مغتصب
فليس يدرى لكم شأن ولا شرف
ولا وجود ولا اسم ولا لقب
فيا لقومي وما قومي سوى عرب
ولن يضيع فيهم ذلك النسب
هب أنه ليس فيكم أهل منزلة
يقلد الأمر أو تعطى له الرتب
وليس فيكم أخو حزم ومخبرة
للعقد والحل في الأحكام ينتخب
وليس فيكم أخو علم يحكم في
فصل القضاء ومنكم جاءت الكتب
أليس فيكم دم يهتاجه أنف
يوما فيدفع هذا العار إذ يثب
صفحة ٦
فأسمعوني صليل البيض بارقة
في النقع إني إلى رناتها طرب
وأسمعوني صدى البارود منطلقا
يدوي به كل قاع حين يصطخب
لم يبق عندكم شيء يضن به
غير النفوس عليها الذل ينسحب
فبادروا الموت واستغنوا براحته
عن عيش من مات موتا ملؤه تعب
صبرا هيا أمة الترك التي ظلمت
دهرا فعما قليل ترفع الحجب
لنطلبن بحد السيف مأربنا
فلن يخيب لنا في جنبه أرب
ونتركن علوج الترك تندب ما
قد قدمته أياديها وتنتحب
ومن يعش ير والأيام مقبلة
يلوح للمرء في أحداثها العجب
صفحة ٧
البحر : -
إليك مثال صب مستهام
خلعت عليه من سقمي ثيابا
حوى رسمي فاصبح لي شبيها
وقد شابهته من حيث ذابا
صفحة ٨
البحر : بسيط تام
رواية قد روت عن أمة العرب
ما ليس ينسى على الأيام والحقب
مآثر في سجل المجد قد كتبت
لو أنصفت خطها الراوون بالذهب
هم الرجال رجال الفخر ذكرهم
باق على الدهر في الأفواه والكتب
أهل المزية في بأس وفي كرم
وسادة الشعر والأقوال والخطب
كم غص ناد بهم قدما وكم عمرت
آثارهم ناديا في العجم والعرب
ظلنا نطارح عنهم كل نادرة
لم تخل من أدب للمرء أو طرب
حتى تبدت لنا أشخاصهم فقضى
من أجلها كل وهم أعجب العجب
في ليلة لم يكن للحلم منتجع
فيها ولا في الكرى للطرف من أرب
بتنا نرى من خلا من معشر درجوا
كأنهم أنشروا من دارس الترب
ثم انقضوا وإلى الله المصير وما
يبقى سوى وجهه الميمون في الحجب
صفحة ٩
لله ناشر هذا البرد من رجل
وفي النجابة حق الفضل والأدب
قد جددت يده وشي القديم لنا
وإن في الخمر معنى ليس في العنب
صفحة ١٠
البحر : بسيط تام
رواية جاد منشبها اللبيب بما
أجاد من وشي الطاف وآداب
راقت محاضرها انسا وقد أخذت
من حاضريها بأسماع وألباب
قد أنشأت للنهى فيما أرت عبرا
وأطربت كل سمع أي إطراب
أمسى بها النقد نقادا لمالكه
فهو المحك لأخلاق وأحساب
وأظهرت لمروءات الكرام يدا
يبقى ثناها على تكرار أحقاب
سدت مفاقر ذي البؤسى وقد فتحت
للأجر عند سواه أيما باب
لله منشئها الندب الخطير فقد
فازت يداه بأخطار وأنداب
عصن نمى في رياض العلم حيث سما
بالفضل ما بين أتراب وأضراب
لا زال يهدى إلينا بالجميل ولا
زلنا نقرظه في كل محراب
صفحة ١١
البحر : بسيط تام
إلى معاليك ينمى المجد والحسب
ومن معانيك طيب المدح يكتسب
وفي ظلالك للآمال منتجع
تجوده من ندى راحاتك السحب
يا خير ملك قد اعتز السرير به
تبذخا وتباهت باسمه الخطب
ومن أعاد شباب الدهر فاتبسمت
به الليالي وردت صفوها الحقب
بقية السلف الغر الذين مضوا
ومن به قد حيوا من بعدما ذهبوا
وخير من جاءنا من بعدها خلفا
يحيا به الفضل والعرفان والأدب
أنت العماد لأقوام بك اعتصموا
تيمنا وحوالي عرشك اعتصبوا
ذخر لنا الدهر أبقاه يلوذ به
من لم تدع غيره ذخرا له النوب
من سادة العرب العرباء قد فخرت
به السيادة وأعتزت به العرب
نفس لما طاب ماء المزن طاهرة
وحر أصل كما قد أخلص الذهب
صفحة ١٢
تعنوا له أوجه السادت صاغرة
ويستكين لديه الجحفل اللجب
ساس البلاد بأطراف اليراع ولو
يشاء ناب القنا الخطي والقطب
طود على أرض زنجيبار قد شخصت
له البحار بطرف غضه الرهب
عم الجزيرة ظل منه قد وسعت
أطرافه البيد واستندرت به الهضب
فدى لحمود أملاك كأنهم
متى يقاسوا به الأوثان والخشب
هم الملوك ولكن لا يرى لهم
من عدة الملك إلا البأو والحجب
لا يبتغون لكسب الحمد من سبب
ولا إليهم لمن رام الثنا سبب
الآخذين زكاة الشعر لا حمدوا
عنها ولا هي عند الله تحتسب
وكيف يعرف قدر الشعر في نفر
ليسوا بعرب ولا عجم إذا نسبوا
إليك تزجى قوافينا ولو قدرت
طارت إلى حيث يزهو ربعك الخصب
صفحة ١٣
فأنت أفضل من يثنى عليه ومن
ينحى إليه ويرجى عنهده الأرب
جاراك في الفضل أقوام ففتهم
شأوا وفضلك ممن أمه كثب
فلا تزل للعلى بدرا تضيء به
دهم الليالي وتخفى عنده الشهب
صفحة ١٤
البحر : -
يا من ترحل عن عيني وأودعها
دمعا على خطرات الذكر سفاحا
تهزني الريح وجدا كلما خطرت
ويخطف البرق قلبي كلما لاحا
صفحة ١٥
البحر : بسيط تام
قف بي نحيي رباها أيها الحادي
فتلك أبياتها في عدوة الوادي
قد خيمت باللوى الغربي ضاربة
عليه أطنابها من غير أوتاد
مقيمة لم تقم إلا على سفر
ما ينقضى بين تأويب وأساد
تمشي الهويني كما مر النسيم ضحى
في هودج من شعاع النور وقاد
يحجب البعد سيماها فإن قربت
صدت دلالا فزادت غلة الصادي
يسارق الطرف عين الشمس منطرها
فالشمس من دونها حلت بمرصاد
حتى إذا هجعت في ليلها ظفرت
منها العيون بلمح الميسم الباد
فنبئينا رعاك الله جارتنا
بل أنت سوغ لنا من عهد ميلاد
قد انقطعنا فما أن بيننا صلة
ولا سبيل لملاح ولا حاد
ولم يكن بيننا سد وقد ضربت
أيدي الفضا دون لقيانا باسداد
صفحة ١٦
ما أن ينالكم للبرق منطلق
ولا يقرب منكم سير منطاد
وإنما رسلنا الأنوار حاكية
نار الصليب تبدت فوق انجاد
تهدي لنا عنكم رمزا تعود لكم
بمثله بين اصدار وايراد
صفحة ١٧
البحر : بسيط تام
يا ليت شعري هل تدرين موضعنا
وهل لديك رجال أهل ارصاد
وهل رأوا ركبنا النوري منطلقا
في ليلهم بين تصويب واصعاد
وهل أقاموا لنا مثل الذي رفعت
آباؤنا لك من تكريم عباد
فذي هياكلك الشماء قد شخصت
هاماتها في الذرى أمثال أطواد
رأوك للحسن معبودا وما وهموا
فالحسن معبود عشاق وزهاد
لعل للأرض هذا الحظ عندكم
وأنها لو علمتم دار افساد
وعلك اليوم خلو من مفاسدها
وأن نكن قد خلقنا خلق انداد
أنت الفتية لا تدرين مفسدة
أين المفاسد من أخلاق أولاد
ضل الجميع وتاهوا في غوايتهم
فما أهتدى حاضر منهم ولا باد
وأصبح الزور مرفوع اللواء بهم
وقائل الحق موصوفا بالحاد
صفحة ١٨
قام الخصام بما لا يعلمون له
كنها ولم تره أبصار أشهاد
شغب تفاقم في الأجيال واضطرمت
به العداوة دهرا بين أكباد
أما كفاكم بني الإنسان شقوتكم
وأنكم للمنايا جد وراد
وما تعانون من جهد الحياة وقد
أمست كوقر ثقيل فوق اكتاد
ومن تقلب أطوار الزمان بكم
كإنما هو حرباء بأعواد
ومن مراغمة الأقدار طاردة
لكم كتيار يم حول طراد
ومن مزاولة الأرزاق بغيتها
تزاحمون بأقدام واعضاد
ومن مكابدة الأدواء ساطية
ومن نوازل لا تحصى بتعداد
فما لكم تسعدون الدهر بعضكم
لكيد بعض به يا شر اسعاد
وإنما أرضنا دار السلام لمن
يبغي السلام ودار الحرب للفادي
صفحة ١٩
وكلنا فوقها رهن الزوال فلا
أضل بعد الكفى من سعي مزداد
صفحة ٢٠