البحر : -
لي في الإله عقيدة غراء
هي والذي هو في الوجود سواء
نور على نور فهذا عندنا
ارض وعند الله ذاك سماء
يا قلب قلبي أنت جسم الجسم لي
ومن الصفات تأتت الأسماء
قد جاء نوري منك عنك مبلغا
بك لي فكان بأمرك الإصغاء
وتتابعت بشرى الهواتف بالذي
يعنو له الإلهام والإيحاء
بي نشأتان طفقت أسرح فيهما
لي هذه صبح وتلك مساء
أبدا أنا نور أضيء وظلمة
وأنا تراب في الوجود وماء
وسمائي انشقت وشمسي كورت
ونجومي انكدرت فزال ضياء
وقيامتي قامت وإني هكذا
طبق الذي وردت به الأنباء
لي ساعد فيما أروم مساعد
ويد أصابع كفها الجوزاء
صفحة ١
وفم يحدث بالمثاني الغض لا
زالت تجول بغيثه الأنواء
يا نحل قد أوحى إليك إلهنا
ومن الجبال بيوتك الأفياء
فكلي من الثمرات طرا واسلكي
سبل السعادة لا اعتراك شقاء
ومن البطون إلى الظهور شرابها
للناس فيه لذة وشفاء
هذا الذي فيه منادمة المنى
ووجود من قامت به الأشياء
والحق ليس لنا إليه إشارة
نحن الإشارة منه والإيماء
صفحة ٢
البحر : -
بلاء الأنبياء هو البلاء
وقد عانت عناه الأولياء
وذلك كان في الدنيا وفيما
به للناس ذم أو ثناء
ومن يكثر عليه الصبر يعظم
به عند الإله له الجزاء
وأما الدين فاحذر من بلاء
يصبك فيه ذاك هو الشقاء
ومن يصبر عليه أصر عمدا
على العصيان وازداد العناء
نصحتك لا تخف في قطع رزق
أذى الدنيا فلله العطاء
وكن بالانفراد سليم صدر
لأن مصاحبات الناس داء
فإنك إن نطقت بما تراه
عليهم حثهم فيك افتراء
وصرت عدوهم في كل حال
وليس لهم بما قلت ارعواء
وإن تسكت وتكرهه بقلب
فقلبك ما له فيهم خفاء
صفحة ٣
وأدنى ما يكون يقال هذا
ثقيل كل حالته رياء
وهم لا يقبلونك فاجتنبهم
وأنت بما علمت لك اهتداء
لأنك باللقاء تكون مغرى
بسبل إنه بئس اللقاء
وإن خالطتهم وسلكت معهم
يكون لهم بفعلك ذا إرضاء
وتمسى بينهم مرفوع شأن
وتصبح كل ما تلقى هناء
ولكن تبتلي في الدين منهم
بما هم فيه إذ بالسوء جاؤوا
أكابرهم على الإعراض قاموا
ولو بالكفر ما لهم انثناء
وقد حملوا أصاغرهم عليه
مداهنة وليس لهم حياء
تنبه يا مريد الحق وافتح
عيونك ما بنو الدنيا سواء
وصابر عن لقاء الناس واصبر
على الإيذاء وليسع الإناء
صفحة ٤
فإن الصبر في الدنيا قليل
وعقباه انكشاف وانجلاء
فأما الصبر منك على عقاب القيامة
فهو ليس له انقضاء
ولا تترج غير الله مولى
فغير الله ما فيه الرجاء
صفحة ٥
البحر : -
صريح كلامي في الوجود وإيمائي
سواء وإعلاني هواه وإخفائي
هو البحر عنه لا يزول كلامنا
فعن موجه طورا وطورا عن الماء
وكل كلام قد أتى متكلم
به فهو منه عنه في رمز أسماء
صحت أمة من بعد ما سكرت به
فكان بها نورا أضاء بظلماء
وقامت له في حضرة أقدسية
هي الشمس عنها الكل أمثال أفياء
عليك نديمي بارتشاف كؤوسها
ففي كأسها منها بقية صهباء
وما الكأسإ لا أنت والروح خمرها
تحقق تجد في السكر أنواع سراء
وفي عالم الكرم الذي قد تعرشت
عناقيده قف واغتنم فضل نعماء
وخذ منه عنقودا هو الجسم ثم دع
كثائفه واحفظ لطائف لألاء
ولا تكسر الراووق إن الصفا به
وحلل وركب في أصول وأبناء
صفحة ٦
إلى أن ترى وجه الزجاجة مشرقا
وذات الحميا في غلائل بيضاء
فإن هناك الدن دندن فانيا
وجاء الدواء الصرف يذهب بالداء
وأقبلت الحسناء بالراح تنجلي
على يدها يا طيب راح وحسناء
سجدنا إليها أي فنينا بحبها
وذلك لما أن أشارت بإيماء
وحاصلة أن الجميع ستائر
على وجهها الباقي فعجل بإفناء
صفحة ٧
البحر : -
من الجسوم إلى الأرواح إسراء
فيه لمثلي إشارات وإيماء
فاسجد له سجدة في مسجد حرمت
جهاته منه للأملاك لألاء
واسجد له سجدة أخرى بمسجده الأقصى يزل عنك بالتقريب إقصاء
. . .
صفحة ٨
البحر : -
وجه تعدد في المرائي
وبه تحير كل رائي
والكائنات بأمره
موج على صفحات ماء
والأمر أمر واحد
فيه التقارب والتنائي
إن العوالم كلها
بظهورها والاختفاء
في سرعة وتقلب
مثل الكتابة في الهواء
قد خطها القلم الذي
هو باب ديوان العطاء
بمداد أنوار الوجود
الحق من يد ذي العلا
قلم له عدد الورى
أسنان رقم وانتشاء
صبغ الإرادة طبق ما
في الأرض يظهر والسماء
يا باطنا هو ظاهر
في كل ختم وابتداء
صفحة ٩
إني وإنك واحد
وإثنان عند الإنثناء
من لي بمجهول العدا
عرفته كل الأولياء
إن غاب عن أغيارنا
هو عندنا ملء الإناء
يشقي ويسعد من يشا
بالداء جاء وبالدواء
هو بالتكبر في الشعار
وبالتعاظم في الرداء
وهو الجليس بذكره
للعارفين وبالثناء
غنى بمن غنى وقد
طبنا به لا بالغناء
وبدا بكل مهفهف
زاكي الملاح والبهاء
وبه القلوب تهيمت
لا بالموشح في القباء
قمر محا ظلماتنا
بطلوعه وقت اللقاء
صفحة ١٠
حتى رأيناه به
في كل أنواع الضياء
شمس وكل الخلق في
أنوارها مثل الهباء
طلعت فأعدمت السوى
والكون آل إلى الفناء
حتى تجلى في غمائم
باطل غيب العماء
والكشف جاء بعسكر
والكون خفاق اللواء
والطبل أجسام الملا
والزمر أرواح الفضاء
وبموكب الأملاك حفف
الغيب سلطان الوفاء
هذا فكيف عقولنا
لا تضمحل من
صائر غاب
من حيث ما هو ظاهر للرائي
لا تدرك الأبصار منه سوى السوى
وهي الحوادث جملة الأفياء
صفحة ١١
والفيء يكشف أن ثمة شاخصا
متحكما فيه بغير مراء
فاحذر تظن بأن ما أدركته
ذاك الوجود وكن من العلماء
فجميع ما أدركته الموجود لا
هو ذا الوجود الحق ذو الآلاء
إن الوجود الحق عنك ممنع
في عزة وترفع وعلاء
وجميع ما أدركته هو حادث
فإن وأنت كذاك رهن فناء
لكنه بك قد تجلى ظاهرا
وبسائر الأشياء باستقصاء
فرأيته من حيث لم تعلم به
وعلمته في رتبة الأسماء
فعلمت رتبته وأنت لذاته
راء وتنكر أنت أنك رائي
إذ لم تكن تعلم به من حيث ما
هو في تدان للورى وتناء
ولقد أتى هو ظاهر هو باطن
فافطن له في محكم الأنباء
صفحة ١٢
البحر : -
ألا يا من بدا فينا
بأوصاف وأسماء
فألهانا به عنا
دواء كان للداء
صفحة ١٣
البحر : -
حبيبي كلنا فانون
وأنت الواحد الباقي
حبيبي إننا ذبنا
كلمح ذاب في الماء
صفحة ١٤
البحر : -
رأينا النور في الظلما
فكان النور هادينا
وأخفانا وأبدانا
بتصريح وإيماء
صفحة ١٥
البحر : -
جميع الكون في عيني
تقادير الوجود الحق
ومن طاقاته يبدو
وجود الحق للرائي
صفحة ١٦
البحر : -
وصل الله يا ربي
على خير الورى الهادي
ومن عبد الغني يوقى
به في الاسم والباء
صفحة ١٧
البحر : -
كواكب جرت من السماء
فأمسكتها شبكات الماء
وعاقها طبع التراب والهوا
والنار عن مسارح الفضاء
ولو يشاء ربها أطلقها
عن قيدها الوهمي بالأشياء
وهي وجوه الغافلين حولت
عن نور وجه الحق للظلماء
محجوبة بعقلها وحسها
عنه وعن ظهوره للرائي
حكم عليها أزلي لم يزل
بمقتضى التقدير والقضاء
ألا هلموا نحونا لتعلموا
علم اليقين صورة المرائي
وتكشفوا بالعقل عن أمثال ما
عليه نفس الأمر في الأنباء
ويعرض الحق على نفوسكم
ليذهب التكدير بالصفاء
فإن تكونوا مستعدين له
وفيكم القبول للوفاء
صفحة ١٨
تذعن للحق بغير ريبة
قلوبكم لطلب اهتداء
فتؤمنون بالكتاب كله
حقا بلا شك ولا مراء
وتعلمون منزل الأفعال عن
تحقق بالداء والدواء
وههنا الشيوخ تنتهي بكم
في أمر إرشاد وفي استيلاء
فلو تقدموا هنا لاحترقوا
واستوت الشمس على الأفياء
وبعد هذا إن أراد ربنا
أوقفكم هنا عن ارتقاء
في منزل العلم به ومن لهم
فيه الرسوخ صفوة اجتباء
وإن أراد زادكم بفضله
عين اليقين منزل الأسماء
وفصل الأمر الإلهي عندكم
ذوقا بلا رمز ولا إيماء
فتدركون أنكم موتى وما
ثم سوى الحق من الأحياء
صفحة ١٩
وهو الذي في الغيث والأسماء قد
قمتم بها في حضرة الإحصاء
وقد دخلتم جنة عالية
قطوفها دانية اجتناء
ثم إذا أراد زادكم به
حق اليقين حضرة انتهاء
وهو فناؤكم به ذوقا فلا
موجود غيره من ابتداء
وههنا تم الكلام والذي
من بعد لا يدخل في الإناء
إذا الحقيقة تبدت تنجلي
للكل بالكل بلا خفاء
وكل شيء هالك تبدت تنجلي
للكل بالكل بلا خفاء
لنا الثبوت لا الوجود عندها
والعدم الصرف بلا انتفاء
عزت وجلت عن جميع ما بدا
بها لها في الأرض والسماء
نور بها تبين في ثبوتها
لا أنها توجد باستقصاء
صفحة ٢٠