البحر : خفيف تام ( هذه الأرض قد سقتها السماء
فاسقياني سقتكما الأنواء
بنت كرم قد هام كل كريم
في هواها وطاب منها الهواء
واجلواها عذراء تحكي عروسا
ألبستها نطاقها الجوزاء
وأعيدا مديح يحيى ليحيا
ميت هجر قد عز منه الشفاء
هو عوني على العلى ورجائي
حبذا العون في العلى والرجاء
وهو أنسي في وحشتي وسروري
في همومي وديمتي الوطفاء
شمل الخلق فضله فأقرت
بنداه الأموات والأحياء
فبيحيى لا يبرح الفضل يحيا
والمعالي به لهن اعتلاء
أحكم الود منه عقد إخائي
هكذا هكذا يكون الإخاء
صفحة ١
البحر : خفيف تام
أشرقت في غلالة زرقاء
فأغارت شمس الضحى في السماء
وأضاءت في غيهب الشعر الوح
ف فأزرت بالبدر في الظلماء
وتحلت من منتقى اللؤلؤ الرطب
وشاحا أبهى من الجوزاء
وثنت سمهري قامتها اللدن
فألوت بالصعدة السمراء
وتجلت تختال في حبرات ال
عجب تيها وحلة الكبرياء
يا لبيضاء زانت الوجنة الحمراء
منها بالشامة الخضراء
أنا من فرقها ومن فرعها الفا
حم في صبوة صباح مساء
ذات قلب أقسى على الصب من صخر
وجسم أرق من صهباء
بسمت فانثنيت أثني على تلك
الثنايا وأين منها ثنائي
وعجيب والطرف منهاكليل
كيف أدمت بحده أحشائي
صفحة ٢
هي معنى هند ودعد وأسما
ء وما هذه سوى أسماء
صفحة ٣
البحر : بسيط تام
وسائل لي عن أشياء كيف أتت
ممنوعة الصرف في القرآن أشياء
وكيف لم يمنعوا أمثالها زنة
فجاء في الصرف أسماء وأبناء
فقلت إني كفيل بالجواب لها
فاسمع فللقوم في أشياء آراء
فقائل إنها في الأصل شياء
كمثل حلفاء وزنا فهي فعلاء
لكنهم قلبوا من لفظها فأتوا
باللام أولها فالوزن لفعاء
فلم تكن جمع شيء فهي مفردة
فليس يشبهها في الوزن أسماء
وعلة المنع فيها عنده ألف ال
تأنيث وهو جواب فيه إرضاء
وقائل إنها جمع ومفردها
شيء ومثلهما فيء وأفياء
لكنها أشبهت حمراء فامتنعت
صرفا كما امتنعت في النحو حمراء
ووجه شبههما إيراد جمعهما
مثلين في الوزن والألفاظ أسواء
صفحة ٤
وقائل إنها جمع وواحدها
شيء ولكنها في الوزن أفعاء
وأصلها أفعلاء ثم حولها
أفعاء حذف له في الصرف إبداء
وعلة المنع فيها أن آخرها
مد كما منعت للمد صحراء
وقيل جمع شييء وهو مفردها
على فعيل كما قالوا أخلاء
فأصلها أفعلاء ثم إنهم
أتوا بحذف إلى أن قيل أفعاء
وقيل بل أصل شيء فيعل زنة
كهين ولهذا الاسم أسماء
وخففوه بحذف مثل فعلهم
في هين ولهذا الحذف أنحاء
فجمعه أشيياء عند قائله
كأهوناء وبعد الحذف أشياء
وقيل بل هي أفعال وقد سمعت
ممنوعة وهي للأقوال إيفاء
فتلك ستة أقوال منضدة
ما شان ناظمها عي وإعياء
صفحة ٥
والقول ما قال عمر ووهو أولها
وكم لأقواله في النحو إمضاء
فقل لمن يدعي علما أعندك من
هذي المذاهب في أشياء أنباء
فإن أجابك أو أولاك معرفة
فللأفاضل إفضال وإيلاء
وإن توقف جهلا بالجواب فقل
حفظت شيئا وغابت عنك أشياء
ثم الصلاة على أعلى الورى شرفا
وآله ما شدت في الأيك ورقاء
صفحة ٦
البحر : طويل
سلام على رب الفضائل والعلى
على عالم الدنيا على علم الهدى
على الباذج العليا على شامخ الذرى
على من رقى في المجد أشرف مرتقى
على مجمع البحرين في الفضل والندى
على مشرق الشمسين في الضوء والسنا
على مقتدى أهل المكارم والنهى
على مجتدى أهل المآرب والرجا
سلام محب شاكر طوله الذي
بأطواقه زان الترائب والطلى
على أن كل الشكر ليس ببالغ
مدى بعض ما أولى وأجزل من ندى
وأنى يوازي الشكر إحسان منعم
يمن بلا من ويولي بلا أذى
صفحة ٧
البحر : بسيط تام
برق الحمى لاح مجتازا على الكثب
وراح يسحب أذيالا من السحب
أضاء والليل قد مدت غياهبه
فانجاب عن لهب يذكو وعن ذهب
فما تحدر دمع المزن من فرق
حتى تبسم ثغر الروض من طرب
وغنت الورق في الأفنان مطربة
وهزت الريح أعطافا من القضب
والصبح خيم في الآفاق عسكره
والليل أزمع من خوف على الهرب
فقلت للصحب قوموا للصبوح بنا
يا طيب مصطبح فيه ومصطحب
واستضحكوا الدهر عن لهو فقد ضحكت
كأس المدامة عن ثغر من الحبب
فقام يسعى بها الساقي مشعشعة
كأنها حلب العناب لا العنب
حمراء تسطع نورا في زجاجتها
كالشمس في البدر تجلو ظلمة الكرب
وراح يثني قواما زانه هيف
بمعطف من قضيب البان مقتضب
صفحة ٨
في فتية يتجلى بينهم مرحا
كأنه البدر بين الأنجم الشهب
مهفهف القد معسول اللمى ثمل
يتيه بالحسن من عجب ومن عجب
لا يمزج الكأس إلا من مراشفه
فاطرب لما شئب من خمر ومن ضرب
قد أمكنت فرص اللذات فاقض بها
ما فات منك وبادر نهزة الغلب
واغنم زماك ما صافاك منتهبا
أيام صفوك نهبا من يد النوب
ولا تشب موردا للأنس فزت به
بذكر ما قد قضى في سالف الحقب
أن الزمان على الحالين منقلب
وهل رأيت زمانا غير منقلب
وانما المرء من وفته همته
حظيه في الدهر من جد ومن لعب
كم قلبتني الليالي في تصرفها
فكنت قرة عين الفضل والأدب
تزيدني نوب الأيام مكرمة
كأنني الذهب الابريز في اللهب
صفحة ٩
لا أستريب بعين الحق أدفعه
ولا أراب بغين الشك والريب
لقد طلبت العلى حتى انتهيت إلي
ما لا ينال فكانت منتهى أربي
حسبي من الشرف العليا أرومته
أن أنتمي لنظام الدين في حسبي
هذا أبي حين يعزى سيد لأب
هيهات ما للورى يا دهر مثل أبي
قطب عليه رحى العلياء دائرة
وهل تدور الرحى إلا على القطب
كالليث والغيث في عزم وفي كرم
والزهر والدهر في بشر وفي غضب
مملك تهب الآلاف راحته
فكم أغاثت بجدواها من التعب
أضحت به الهند للألباب سالبة
كأنها هند ذات الدل والشنب
مولى إذا حل محتاج بساحته
أغناه نائله عن وابل سرب
ترى مدى الدهر من أفضاله عجبا
فنحن كل شهور الدهر في رجب
صفحة ١٠
رقى من الذروة العلياء شامخها
وحل من هاشم في أرفع الرتب
حامي الحقيقة من قوم نوالهم
يسعى إلى معتفيه سعي مكتسب
الباسم الثغر والأبصار خاشعة
والحرب تعول والفرسان بالحرب
يقوم في حومة الهيجاء منفردا
يوم الكفاح مقام العسكر اللجب
لو قابلته أسود الغاب مشبلة
لأدبرت نادمات كيف لم تغب
يفنى المقال ولا تفنى مدائحه
نظما ونثرا من الأشعار والخطب
لا زال غوثا لملهوف ومعتصما
لخائف ونجاة الهالك العطب
ما رنحت نسمات الريح غصن ربى
وأومض البرق مجتازا على الكثب
صفحة ١١
البحر : طويل
أفي كل يوم للأماني تكذيب
وللدهر تصعيد علينا وتصويب
إلام انقيادي للزمان تروعني
له كل يوم مزعجات أساليب
أفي الحق أن أصدى وفي القلب غلة
يشب لها بين الجوانح الهوب
ويصبح من دوني نقيعا أوامه
يسوغ له عذب الموارد اثعوب
أروح وأغدو تقتضيني نجاحها
أماني نفس كلهن أكاذيب
عتبت على دهري وما الدهر معتبا
ولكن عجزا انتظار وتأنيب
وقد ساءني بين المهانة والعلى
مقامي على حال لها الجأش مرعوب
فأما علا لا يلحق الدهر شأوها
وأمضا خمولا فهو في الحق مرغوب
طبعت عل ما لو تكلفت غيره
غلبت وقد قيل التكلف مغلوب
أيوقفني صرف الزمان ضراعة
وما الخطو مقصور ولا القيد مكروب
صفحة ١٢
إذا لا نمت كفي إلي مهندي
ولا قربت بي المقربات اليعابيب
وكل طمر فائت الشأو سابق
له في موامي البيد عدو وتقريب
علام ولا سدت علي مذاهبي
ولا عاقني ترغيب أمر وترهيب
إذا أقعدتني الحادثات أقامني
لنيل العلى عزم وحزم وتجريب
وإن أنا جبت البيد في طلب العلى
فكم جابها قبلي كرام وما عيبوا
تجاذبني الأيام فضل مقادتي
ومن دونه فرع السماكين . مجذوب
وما عذر من يرجو من الدهر سلمه
وقد أمكنته المرهفات القراضيب
لقد آن أن يصفو من العز موردي
فينجح مأمول ويرتاح مكروب
أنفت لمثلي أن يرى وهو واله
وما أنا ممن تزدهيه الأطاريب
أبيت فلا يغشى جنابي طارق
كأني ضنين من نوالي محجوب
صفحة ١٣
أبى لي مجدي والفتوة والنهى
وهمة نفس أنتجتها المناجيب
وقد علمت قومي وما بي غباوة
بأني لنيل المكرمات لمخطوب
وهذا أبي لا الظن فيه مخيب
ولا المجد متعوس ولا الرأي مكذوب
له من صميم المجد أرفع رتبة
ومن هاشم نهج إلى الفخر ملحوب
وهل هو إلا دوحة قد تفرعت
فكنت لها غصنا نمته الأنابيب
وما ذات نشر قد تضاحك نورها
وهل بها من مدمع المزن شؤ بوب
تغان لها ريح الصبا إن تنفست
وللشمس تفضيض عليها وتذهيب
ينافس رياها من المسك صائك
ومن نفحات المندل الرطب مشبوب
بأعبق نشرا من لطيمة خلقه
إذا فض عنها من مكارمه طيب
همام إذا ما هم أمضى على العدى
من العضب حدا وهو أبيض مذروب
صفحة ١٤
تريك زؤام الموت لحظة بأسه
وماء الحيا من جود كفيه أسكوب
هو الأبلج الوضاح فوق جبينه
ضياء من النور الالهي مكتوب
حفي باكرام النزيل إذا أوى
إلى سوحه آواه أهل وترحيب
فتى ثقلت أيدي نداه على الطلى
فأطت كما أطت لاعبائها النيب
أقام عماد الملك بعد ازوراره
فأمسى له نص اديه وتطنيب
أترب المعالي والعوالي وربها
ومن ضاق في علياه وصف وتلقيب
شكوتك حالا قد أتاحت لي الجوى
فهل أنت مشك أم لحظي تتبيب
أعيذك أن أمسي وفي النفس حاجة
ومن دون ما أرجوه هم وتعذيب
أراني لقى لا يرهب الدهر سطوتي
عدو ولا يرجو نوالي محبوب
فحاشاك أن ترضى لشبلك أن يرى
وقد نشبت للدهر فيه مخاليب
صفحة ١٥
وعدت رجائي منك أنجح منحة
واني إن لم أوف وعدي لعرقوب
فها أنا قد وجهت نحوك مطلبي
وأغلب ظني أن سينجح مطلوب
صفحة ١٦
البحر : كامل تام
سقيا لمثناة الحجاز وطيبها
ولسوح روضتها وسفح كثيبها
وظلال دوح في شريعتها التي
تنساب بين مسيلها ومسيبها
ورياض بحرتها التي فاقت على
كل الرياض بحسنها وبطيبها
ينفي الوبا عن مائها وهوائها
وترابها ما صح من تركيبها
لله عقوتها التي نالت بها
نفسي من اللذات كل نصيبها
كم بت فيها ساحبا ذيل الصبا
أختال بين ربابها وربيبها
ويكفني حلم الحجا حتى إذا
دبت حميا الكأس بعض دبيبها
مزقت جلباب الوقار بصبوة
ما زال دهري معجبا بعجيبها
واها لها من ليلة لم يأل لون
سلافتا الذهبي في تذهيبها
كم شنفت كأسا بدر حبابها
بل كم شفت نفسا بقرب حبيبها
صفحة ١٧
يا ساقي الراح الشهية هاتها
وأرح براحتها فؤاد كئيبها
قرب كؤوسك لا نأيت فلا غنى
إن رمت بعد الهم من تقريبها
أدم اصطباحا واغتباقا شربها
فالأنس موقوف على شريبها
صفها بأحست وصفها ونعوتها
واختزلها الألقاب في تلقيبها
حمراء تسطع في الكؤوس كأنها
ياقوتة ذابت بكف مذيبها
صرفت هموم الشاربين بصرفها
وافتر ثغر الكأس من تقطيبها
لو لم يكن في الروض مغرس كرمها
ما رجعت ورقاء في تطريبها
دعت العقول إلى الذهول فلم يفز
بجوامع اللذات غير مجيبها
ومليحة قد أشبهت شمس الضحى
في الحسن عند طلوعها ومغيبها
تبدو فتختطف العيون مضيئة
بشروقها وتغيب في غربيبها
صفحة ١٨
شبت فشبت في الحشا نار الأسى
فقصرت أشعاري على تشبيبها
ناسبتها ونسبت في شعري بها
فاعجب لحسن نسيبها لنسيبها
ومن العجائب أن جمرة خدها
تذكو فيشكو القلب حر لهيبها
ما زال منذ فقدتها وصبي بها
يقضي بصب مدامعي وصبيبها
ما ساغ مورد وصلها لي ساعة
إلا أغصتني بعين رقيبها
بالله ربكم اسمعوا أشرح لكم
في الحب أحوالي على ترتيبها
أبصرتها فعشقتها فطلبتها
فمنعتها فقضيت من كلفي بها
يا عاذلي ما رمت راحة مهجتي
من وجدها بل زدت في تعذيبها
لا تكثرن نصحي فتلك نصائح
يكفيك صدق هواي في تكذيبها
ما هن غير وساوس تهذي بها
عندي وان بالغت في تهذيبها
صفحة ١٩
هيهات يسلو بالملامة مغرم
يزداد فرط هواه من تأنيبها
ويرى السلو مصيبة من بعدما
رشقته نبل لحاظها بمصيبها
ما زلت انتخب القريض لوصفها
ولمدح منتخب العلى ونجيبها
مولي المعارف والعوارف والندى
وعريف سادات الهدى ونقيبها
ان عدت الأنساب فهو نسيبها
وحسيبها المشهور وابن حسيبها
حاز الفخار بنسبة نبوية
هي في غنى عن بردها وقضيبها
وروى معنعن مجده برواية
جلت عن ابن قرينها وقريبها
ندب إذا افترغت منابر مدحة
كانت مناقبه لسان خطيبها
وإذا المجالس بالصدور تزاحمت
فحسينها الحسني صدر رحيبها
هو كعبة الفضل التي يهوي لها
من أمة الفضلاء قلب منيبها
صفحة ٢٠