البحر : بسيط تام
أضحى التنائي بديلا من تدانينا ،
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
ألا وقد حان صبح البين ، صبحنا
حين ، فقام بنا للحين ناعينا
من مبلغ الملبسينا ، بانتزاحهم ،
حزنا ، مع الدهر لا يبلى ويبلينا
غيظ العدا من تساقينا الهوى فدعوا
بأن نغص ، فقال الدهر آمينا
فانحل ما كان معقودا بأنفسنا ؛
وانبت ما كان موصولا بأيدينا
وقد نكون ، وما يخشى تفرقنا ،
فاليوم نحن ، وما يرجى تلاقينا
يا ليت شعري ، ولم نعتب أعاديكم ،
هل نال حظا من العتبى أعادينا
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم
رأيا ، ولم نتقلد غيره دينا
ما حقنا أن تقروا عين ذي حسد
بنا ، ولا أن تسروا كاشحا فينا
كنا نرى اليأس تسلينا عوارضه ،
وقد يئسنا فما لليأس يغرينا
صفحة ١
بنتم وبنا ، فما ابتلت جوانحنا
شوقا إليكم ، ولا جفت مآقينا
نكاد ، حين تناجيكم ضمائرنا ،
يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
حالت لفقدكم أيامنا ، فغدت
سودا ، وكانت بكم بيضا ليالينا
إذ جانب العيش طلق من تألفنا ؛
ومربع اللهو صاف من تصافينا
وإذ هصرنا فنون الوصل دانية
قطافها ، فجنينا منه ما شينا
ليسق عهدكم عهد السرور فما
كنتم لأرواحن ا إلا رياحين ا
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا ؛
أن طالما غير النأي المحبينا !
والله ما طلبت أهواؤنا بدلا
منكم ، ولا انصرفت عنكم أمانينا
يا ساري البرق غاد القصر واسق به
من كان صرف الهوى والود يسقينا
واسأل هنالك : هل عنى تذكرنا
إلفا ، تذكره أمسى يعنينا ؟
صفحة ٢
ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا
من لو على البعد حيا كان يحيينا
فهل أرى الدهر يقضينا مساعفة
منه ، وإن لم يكن غبا تقاضينا
ربيب ملك ، كأن الله أنشأه
مسكا ، وقدر إنشاء الورى طينا
أو صاغه ورقا محضا ، وتوجه
من ناصع التبر إبداعا وتحسينا
إذا تأود آدته ، رفاهية ،
توم العقود ، وأدمته البرى لينا
كانت له الشمس ظئرا في أكلته ،
بل ما تجلى لها إلا أحايينا
كأنما أثبتت ، في صحن وجنته ،
زهر الكواكب تعويذا وتزيينا
ما ضر أن لم نكن أكفاءه شرفا ،
وفي المودة كاف من تكافينا ؟
يا روضة طالما أجنت لواحظنا
وردا ، جلاه الصبا غضا ، ونسرينا
ويا حياة تملينا ، بزهرتها ،
منى ضروبا ، ولذات أفانينا
صفحة ٣
ويا نعيما خطرنا ، من غضارته ،
في وشي نعمى ، سحبنا ذيله حينا
لسنا نسميك إجلالا وتكرمة ؛
وقدرك المعتلي عن ذاك يغنينا
إذا انفردت وما شوركت في صفة ،
فحسبنا الوصف إيضاحا وتبيينا
يا جنة الخلد أبدننا ، بسدرتها
والكوثر العذب ، زقوما وغسلينا
كأننا لم نبت ، والوصل ثالثنا ،
والسعد قد غض من أجفان واشينا
إن كان قد عز في الدنيا اللقاء بكم
في موقف الحشر نلقاكم وتلقونا
سران في خاطر الظلماء يكتمنا ،
حتى يكاد لسان الصبح يفشينا
لا غرو في أن ذكرنا الحزن حين نهت
عنه النهى ، وتركنا الصبر ناسينا
إنا قرأنا الأسى ، يوم النوى ، سورا
مكتوبة ، وأخذنا الصبر تلقينا
أما هواك ، فلم نعدل بمنهله
شربا وإن كان يروينا فيظمينا
صفحة ٤
لم نجف أفق جمال أنت كوكبه
سالين عنه ، ولم نهجره قالينا
ولا اختيارا تجنبناه عن كثب ،
لكن عدتنا ، على كره ، عوادينا
نأسى عليك إذا حثت ، مشعشعة ،
فينا الشمول ، وغنانا مغنينا
لا أكؤس الراح تبدي من شمائلنا
سيما ارتياح ، ولا الأوتار تلهينا
دومي على العهد ، ما دمنا ، محافظة ،
فالحر من دان إنصافا كما دينا
فما استعضنا خليلا منك يحبسنا
ولا استفدنا حبيبا عنك يثنينا
ولو صبا نحونا ، من علو مطلعه ،
بدر الدجى لم يكن حاشاك يصبينا
أبكي وفاء ، وإن لم تبذلي صلة ،
فالطيف يقنعنا ، والذكر يكفينا
وفي الجواب متاع ، إن شفعت به
بيض الأيادي ، التي ما زلت تولينا
ك منا سلام الله ما بقيت
صبابة بك نخفيها ، فتخفينا
صفحة ٥
البحر : رجز تام
~
صفحة ٦
البحر : مجتث
بالله خذ من حياتي
يوما وصلني ساعه
كيما أنال بقرض
ما لم أنل بشفاعه
صفحة ٧
البحر : وافر تام
علام صرمت حبلك من وصول ؛
فديتك ، واعتززت على ذليل ؟
وفيم أنفت من تعليل صب ،
صحيح الود ، ذي جسم عليل ؟
فهلا عدتني ، إذ لم تعود
بشخصك ، بالكتاب أو الرسول ؟
لقد أعيا تلونك احتيالي ،
وهل يعني احتيال في ملول ؟
صفحة ٨
البحر : مجزوء الرمل
وضح الحق المبين ؛
ونفى الشك اليقين
ورأى الأعداء ما غر
تهم منه الظنون
أملوا ما ليس يمنى ؛
ورجوا ما لا يكون
وتمنوءا أن يخون ال
عهد مولى لا يخون
فإذا الغيب سليم ،
وإذا الود مصون !
قل لمن دان بهجري ،
وهواه لي دين
يا جوادا بي ! إني
بك ، والله ، ضنين
أرخص الحب فؤادي
لك ، والعلق ثمين
يا هلالا ! تترا
ءاه نفوس ، لا عيون
عجبا للقلب يقسو
منك ، والقد يلين
صفحة ٩
ما الذي ضرك لو س
ر بمرآك الحزين
وتلطفت لصب ،
حينه فيك يحين
فوجوه اللفظ شتى ،
والمعاذير فنون
صفحة ١٠
البحر : مجزوء الخفيف
يا غزالا ! أصارني
موثقا ، في يد المحن
إنني ، مذ هجرتني ،
لم أذق لذة الوسن
ليت حظي إشارة
منك ، أو لحظة عنن
شافعي ، يا معذبي ،
في الهوى ، وجهك الحسن
كنت خلوا من الهوى ؛
فأنا اليوم مرتهن
كان سري مكتما ؛
وهو الآن قد علن
ليس لي عنك مذهب ؛
فكما شئت لي فكن
صفحة ١١
البحر : طويل
خليلي ، لا فطر يسر ولا أضحى ،
فما حال من أمسى مشوقا كما أضحى ؟
لئن شاقني شرق العقاب فلم أزل
أخص بمحوض الهوى ذلك السفحا
وما انفك جوفي الرصافة مشعري
دواعي ذكرى تعقب الأسف البرحا
ويهتاج قصر الفارسي صبابة ،
لقلبي ، لا تألوا زناد الأسى قدحا
وليس ذميما عهد مجلس ناصح ،
فأقبل في فرط الولوع به نصحا
كأني لم أشهد لدى عين شهدة
نزال عتاب كان آخره الفتحا
وقائع جانيها التجني ، فإن مشى
سفير خضوع بيننا أكد الصلحا
وأيام وصل بالعقيق اقتضيته ،
فإلا يكن ميعاده العيد فالفصحا
وآصال لهو في مسناة مالك ،
معاطاة ندمان إذا شئت أو سبحا
لدى راكد يصبيك ، من صفحاته ،
قوارير خضر خلتها مردت صرحا
صفحة ١٢
معاهد لذات ، وأوطان صبوة ،
أجلت المعلى في الأماني بها قدحا
ألا هل إلى الزهراء أوبة نازح
تقضى تنائيها مدامعه نزحا
مقاصير ملك أشرقت جنباتها ،
فخلنا العشاء الجون أثناء صبحا
يمثل قرطيها لي الوهم جهرة ،
فقبتها فالكوكب الرحب فالسطحا
محل ارتياح يذكر الخلد طيبه
إذا عز أن يصدى الفتى فيه أو يضحى
هناك الجمام الزرق تندي حفافها
ظلال عهدت الدهر فيها فتى سمحا
تعوضت ، من شدو القيان خلالها ،
صدى فلوات قد أطار الكرى ضبحا
ومن حملي الكأس المفدى مديرها
تقحم أهوال حملت لها الرمحا
أجل ! إن ليلي ، فوق شاطئ نيطة ،
لأقصر من ليلي بآنة فالبطحا
صفحة ١٣
البحر : سريع
ما ضر لو أنك لي راحم ؛
وعلتي أنت بها عالم
يهنيك ، يا سؤلي ويا بغيتي ،
أنك مما أشتكي سالم
تضحك في الحب ، وأبكي أنا ،
ألله ، فيما بيننا ، حاكم
أقول لما طار عني الكرى
قول معنى ، قلبه هائم :
يا نائما أيقظني حبه ،
هب لي رقادا أيها النائم !
صفحة ١٤
البحر : وافر تام
أحين علمت حظك من ودادي ؛
ولم تجهل محلك من فؤادي
وقادني الهوى ، فانقدت طوعا ،
وما مكنت غيرك من قيادي
رضيت لي السقام لباس جسم ،
كحلت الطرف منه بالسهاد
أجل عينيك في أسطار كتبي ،
تجد دمعي مزاجا للمداد
فديتك ! إنني قد ذاب قلبي
من الشكوى إلى قلب جماد
صفحة ١٥
البحر : بسيط تام
يا مخجل الغصن الفينان إن خطرا ؛
وفاضح الرشإ الوسنان إن نظرا
يفديك مي محب ، شأنه عجب ،
ما جئت بالذنب إلا جاء معتذرا
لم ينجني منك ما استشعرت من حذر ؛
هيهات كيد الهوى يستهلك الحذرا
ما كان حبك إلا فتنة قدرت ؛
هل يستطيع الفتى أن يدفع القدرا ؟
صفحة ١٦
البحر : وافر تام
أيوحشني الزمان ، وأنت أنسي ،
ويظلم لي النهار وأنت شمسي ؟
وأغرس في محبتك الأماني ،
فأجني الموت من ثمرات غرسي
لقد جازيت غدرا عن وفائي ؛
وبعت مودتي ، ظلما ، ببخس
ولو أن الزمان أطاع حكمي
فديتك ، من مكارهه ، بنفسي
صفحة ١٧
البحر : بسيط تام
هل راكب ، ذاهب عنهم ، يحييني ،
إذ لا كتاب يوافيني ، فيحييني ؟
قد مت ، إلا ذماء في يمسكه
أن الفؤاد ، بلقياهم ، يرجيني
ما سرح الدمع من عيني ، وأطلقه ،
إلا اعتياد أسى ، في القلب ، مسجون
صبرا ! لعل الذي بالبعد أمرضني ،
بالقرب يوما يداويني ، فيشفيني !
كيف اصطباري وفي كانون فارقني
قلبي ، وها نحن في أعقاب تشرين ؟
شخص ، يذكرني ، فاه وغرته ،
شمس النهار ، وأنفاس الرياحين
لئن عطشت إلى ذاك الرضاب لكم
قد بات منه يسقيني ، فيرويني !
وإن أفاض دموعي نوح باكية ،
فكم أراه يغنيني ، فيشجيني !
وإن بعدت ، وأضنتني الهموم ، لقد
عهدته ، وهو يدنيني ، فيسليني
أو حل عقد عزائي نأيه ، فلكم
حللت ، عن خصره ، عقد الثمانين
صفحة ١٨
يا حسن إشراق ساعات الدنو بدت
كواكبا في ليالي بعده الجون
والله ما فارقوني باختيارهم ؛
وإنما الدهر ، بالمكروه ، يرميني
وما تبدلت حبا غير حبهم ،
إذا تبدلت دين الكفر من ديني
أفدي الحبيب الذي لو كان مقتدرا
لكان بالنفس والأهلين ، يفديني
يا رب قرب ، على خير ، تلاقينا ،
بالطالع السعد والطير الميامين
صفحة ١٩
البحر : بسيط تام
كما تشاء ، فقل لي ، لست منتقلا ،
لا تخش مني نسيانا ، ولا بدلا
وكيف ينساك من لم يدر بعدك ما
طعم الحياة ، ولا بالبعد عنك سلا ؟
أتلفتني كلفا ، أبليتني أسفا ،
قطعتني شغفا ، أورثتني عللا
إن كنت خنت وأضمرت السلو ، فلا
بلغت يا أملي ، من قربك ، الأملا
والله ! لا علقت نفسي بغيركم ؛
ولا اتخذت سواكم منكم بدلا
صفحة ٢٠