كتاب الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية
تصانيف
43- تفسير آيات اعتزال النساء في المحيض وأحكام ذلك
تفسير ما أمر الله به من اعتزال فروج النساء في المحيض، وكيف يؤتين إذا طهرن:
قوله في سورة البقرة( الآية222-223):
( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ) يعني: الحيض كدرا، ( فاعتزلوا النساء) يعنيك مجامعة النساء، ( في المحيض ) فإنه حرام ( ولا تقربوهن ) يعني: ولا تجامعوهن ( حتى يطهرن ) يعني: حتى يغتسلن ( فإذا تطهرن ) يعني: فإذا اغتسلن من المحيض ( فأتوهن من حيث أمركم الله ) يعني: في الفروج الذي نهيتم عنه في المحيض، طهرا غير الحيض ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) يعني: المتطهرين من الأحداث والحيض.
قال: فلما نزلت هذه الآية اعتزل المسلمون النساء في الحيض في بيوت غير بيوتهن، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( إنما أمرتم أن تعتزلوا الفروج ).
ثم قال: ( نساؤكم حرث لكم ) يعني: فروج النساء ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) وذلك أن اليهود قالوا للمسلمين : إنه لا يحل جماع النساء إلا مستقبلات، وإنا لنجده في كتاب الله، يعنون التوراة.
فأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بما قالت اليهود، فنزلت ( نساؤكم حرث لكم ) يعني: النساء مزرع للولد ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) يقول: كيف شئتم، قائما أو قاعدا، أو باركا، بعد أن يكون الجماع في الفرج، ( وقدموا لأنفسكم ) يعني: الولد ( واتقوا الله ) عظة من الله يعظهم، يقول: لا تأتوهن حيضا، ثم خوفهم فقال: ( واعلموا أنكم ملاقوه ) يعني: في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم ( وبشر المؤمنين ) بأمر الله ونهيه بالجنة.
صفحة ١٨٥