بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما
يقول عبد القادر، بن محيي الدين، بن المصطفى، بن محمد، ابن المختار، بن عبد القادر، بن أحمد، بن عبد القادر، بن أحمد، ابن محمد، بن عبد القوي، بن علي، بن أحمد، بن عبد القوي ابن خالد، بن يوسف، بن أحمد، بن بشار، بن أحمد، بن محمد، ابن مسعود، بن طاوس، بن يعقوب، بن عبد القوي، بن أحمد، ابن محمد بن إدريس، بن عبد الله الكامل، بن الحسن المثنى، بن الحسن سبط الرسول، بن علي، بن أبي طالب، بن عبد المطلب، بن هاشم.
وأم الحسن، فاطمة، بنت محمد، رسول الله، بن عبد الله، ابن عبد المطلب، هاشم.
الحمد لله رب العالمين. ورضي الله تعالى عن العالمين.
أما بعد؛ فإنه بلغني: أن علماء باريز وفقهم العليم الحكيم العزيز، كتبوا اسمي في دفتر العلماء. ونظموني في سلك العظماء. فاهتززت لذلك فرحا ثم اغتممت ترحا، فرحت من حيث ستر الله علي، حتى نظر عباده، بحسن الظن إلي. واهتممت من كون العلماء، استسمنوا ذا ورم ونفخوا في غير ضرم، ثم أشار علي بعض المحبين منهم؛ بإرسال بعض الرسائل إليهم. فكتبت هذه العجالة للتشبه بالعلماء الأعلام. ورميت سهمي بين السهام.
فتشبهوا إن لم تكونوا منهم ... أن التشبه بالكرام رباح
وسميت هذه الرسالة ذكرى العاقل وتنبه الغافل ووتبتها على مقدمة، وثلاثة أبواب وخاتمة. وفي كل باب: فصل، وتنبيه، وخاتمة.
أما المقدمة، ففي الحث على النظر، وذم التقليد.
وأما الباب الأول، ففي فضل العلم والعلماء، وفيه فصل: في تعريف العقل، الذي به إدراك العلوم وتكملة في القوى الأربع، التي إذا اعتدلت في الإنسان، يكون إنسانا كاملا. وتنبيه في: فضل إدراك العقل، على إدراك الحواس، وفضل مدركات العقل، على مدركات الحواس، وخاتمة في: انقسام العلم، إلى محمود ومذموم.
وأما الباب الثاني: ففي العلم الشرعي، وفيه فصل في: إثبات النبوة، التي هي منبع العلوم الشرعية، وفيه تنبيه في: معرفة النبي، وما يتعلق بالنبوة، وخاتمة في المكذبين للأنبياء وأما الباب الثالث: ففي فضل الكتابة. وفيه فصل في: الكلام على كتابات الأمم، ومن وضعها وما ينجر إلى ذلك.
وتنبيه في: بيان حروف الكتابة العربية، وخاتمة في: احتياج الناس إلى التصنيف وما يتعلق به.
الباب الأول
تقديم في العلم والجهل
اعلموا: أنه يلزم العاقل، أن ينظر في القول، ولا ينظر إلى قائله. فإن كان القول حقا، قبله، سواء كان قائله معروفا بالحق، أو الباطل، فإن الذهب يستخرج من التراب. والنرجس، من البصل، والترياق، من الحيات ويجتنى الورد، من الشوك فالعاقل: يعرف الرجال بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال. والكلمة من الحكمة، ضالة العاقل يأخذها من عند كل من وجدها عنده، سواء كان حقيرا، أو جليلا. وأقل درجات العالم، أن يتميز عن العامي بأمور، منها: أنه لا يعاف العسل، إذا وجده في محجمة الحجام و يعرف أن الدم قذر، لا لكونه في المحجمة ولكنه قذر في ذاته، فإذا عدمت هذه الصفة في العسل، فكونه في ظرف الدم المستقذر، لا يكسبه تلك الصفة، ولا يوجب نفره عنه. وهذا وهم باطل، غالب على أكثر الناس. فمهما نسب كلام إلى قائل، حسن اعتقادهم فيه، قبلوه. وإن كان القول باطلا. وإن نسب القول، إلى من ساء فيه اعتقادهم ردوه.
صفحة ١