بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما
قال شيخنا الإمام الحافظ مفتي المسلمين أوحد المجتهدين أبو الفضل عبد الرحمن جلال الدين ابن العلامة قاضي المسلمين كمال الدين أبي بكر ابن محمد السيوطي ثم القاهري الشافعي رحمة الله عليه الله أحمد على آلائه وأشكره على نعمائه وأصلي وأسلم على خاتم أنبيائه محمد وأصحابه وأحبائه وبعد فإني لخصت طبقات الحفاظ تصنيف الإمام الحافظ الكبير أبي عبد الله محمد الذهبي رحمه الله تعالى وذيلت عليه من بعده وابتدأت بترجمته فقلت ما نصه
الطبقة الثانية والعشرون عدتها 15
الذهبي
صفحة ٣٤٧
الإمام الحافظ محدث العصر وخاتمة الحفاظ ومؤرخ الأسلام وفرد الدهر والقائم بأعباء هذه الصناعة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن عثمان بن قايماز التركماني ثم الدمشقي المقرئ ولد سنة ثلاث وسبعين وستمائة وطلب الحديث وله ثماني عشرة سنة فسمع الكثير ورحل وعني بهذا الشأن وتعب فيه وخدمه إلى أن رسخت فيه قدمه وتلا بالسبع وأذعن له الناس حكي عن شيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر أنه قال شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ ولي تدريس الحديث بتربة أم الصالح وغيرها وله من التصانيف تاريخ الإسلام التاريخ الأوسط والصغير وسير النبلاء وطبقات الحفاظ التي لخصناها في هذا الكتاب وذيلنا عليها وطبقات القراء ومختصر تهذيب الكمال والكاشف مختصر ذلك والمجرد في أسماء رجال الكتب الستة والتجريد في أسماء الصحابة والميزان في الضعفاء والمغني في الضعفاء وهو مختصر نفيس وقد ذيلت عليه بذيل ومشتبه النسبة ومختصر الأطراف لشيخه المزي وتلخيص المستدرك مع تعقب عليه ومختصر سنن البيهقي ومختصر المحلى وغير ذلك وله معجم كبير وصغير ومختص بالمحدثين والذي أقوله أن المحدثين عيال الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة المزي والذهبي والعراقي وابن حجر توفي الذهبي ليلة الإثنين ثالث ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بدمشق وأضر قبل موته بيسير ورثاه التاج بن السبكي بقصيدة أولها
( من للحديث وللسارين في الطلب
من بعد موت الإمام الحافظ الذهبي )
( من للرواية والأخبار ينشرها
بين البرية من عجم ومن عرب )
( من للدراية والآثار يحفظها
بالنقد من وضع أهل الغي والكذب )
( من للصناعة يدري حل معضلها
حتى يريك جلاء الشك والريب )
ومنها
( هو الإمام الذي روت روايته
وطبق الأرض من طلابه النجب )
( ثبت صدوق خبير حافظ يقظ
في النقل أصدق أنباء من الكتب )
( الله أكبر ما أقرأ وأحفظه
من زاهد ورع في الله مرتقب )
القطب الحلبي
صفحة ٣٤٩
الإمام العالم المقرىء الحافظ المحدث مفيد الديار المصرية وشيخها قطب الدين أبو علي عبد الكريم بن عبد النور بن منير بن عبد الكريم ابن علي بن عبد الحق بن عبد الصمد بن عبد النور الحلبي ثم المصري أحد من جرد العناية بالرواية ولد في رجب سنة اربع وستين وستمائة وسمع من العز الحراني وغازي الحلاوي والفخر وآخرين وخرج لنفسه التساعيات والبلدانيات والمتباينات وبلغ شيوخه الألف وتلا بالسبع على أبي الطاهر المليجي وغيره وكان خيرا متواضعا حسن السمت غزير المعرفة متقنا اختصر الإلمام فحرره وشرح سيرة عبد الغني وشرع في شرح البخاري مطولا بيض منه النصف وجمع لمصر تاريخا حافلا لو تم بلغ عشرين مجلدا وأعاد ودرس في الحديث بأماكن أجاز للتاج السبكي ومات في رجب سنة خمس وثلاثين وسبعمائة
فتح الدين بن سيد الناس
صفحة ٣٥٠
الإمام العلامة المحدث الحافظ الأديب البارع أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن سيد الناس بن أبي الوليد ابن منذر بن عبد الجبار بن سليمان اليعمري الأندلسي الأصل المصري ولد في ذي القعدة سنة إحدى وسبعين وستمائة وسمع من غازي والعز وخلائق نحو الألف ولازم ابن دقيق العيد وتخرج عليه وأعاد عنده عليه وكان يحبه ويثني عليه وأخذ العربية عن البهاء بن النحاس وكتب الخط المغربي والمصري فأتقنهما وكان أحد الأعلام الحفاظ أماما في الحديث ناقدا في الفن خبيرا بالرجال والعلل والأسانيد عالما بالصحيح والسقيم له حظ من العربية حسن التصنيف صحيح العقيدة أديبا شاعرا بارعا متفننا في البلاغة ناظما ناثرا مترسلا ولي درس الحديث بالظاهرية وغيرها وصنف السيرة الكبرى والصغرى وشرح الترمذي لم يكمله فأتمه الحافظ أبو الفضل العراقي مات في شعبان سنة أربع وثلاثين وسبعمائة ولم يخلف في مجموعه مثله
ابن عبد الهادي
صفحة ٣٥١
الإمام الأوحد المحدث الحافظ الحاذق الفقيه البارع المقرىء النحوي اللغوي ذو الفنون شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي ابن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي أحد الأذكياء ولد في رجب سنة خمس أو ست وسبعمائة وسمع من ابن عبد الدائم والطبقة وتفقه بابن مسلم وتردد إلى ابن تيمية ومهر في الحديث والفقه والأصول والعربية قال الصفدي لو عاش لكان آية كنت إذا لقيته سألته عن مسائل أدبية وفوائد عربية فينحدر كالسيل وكنت أراه يوافق المزي في أسماء الرجال ويرد عليه فيقبل منه وقال ابن كثير كان حافظا علامة ناقدا حصل من العلوم ما لا يبلغه الشيوخ ولا الأكابر وبرع في الفنون وكان جبلا في العلل والطرق والرجال حسن الفهم جدا صحيح الذهن قال المزي ما لقيته إلا واستفدت منه وكذا قال الذهبي أيضا ودرس بالصدرية والغياثية وصنف شرحا على التسهيل والأحكام في الفقه والرد على السبكي في مسألة الزيارة سماه الصارم المنكي والمحرر في اختصار الإلمام والكلام على أحاديث مختصر ابن الحاجب والعلل على ترتيب كتب الفقه والتفسير المسند لم يتمه واختصر التعليق لأبن الجوزي وزاد عليه ومات في جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وسبعمائة
السبكي
الإمام الفقيه المحدث الحافظ المفسر الأصولي المتكلم النحوي اللغوي الأديب المجتهد تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن علي ابن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام بن حامد بن يحيى بن عمر بن عثمان ابن علي بن مسوار بن سوار بن سليم شيخ الإسلام إمام العصر ولد في صفر سنة ثلاث وثمانين وستمائة وأخذ الفقه عن ابن الرفعة والحديث عن الشرف الدمياطي والقراآت عن التقي الصائغ والأصلين والمعقول عن العلاء الباجي والخلاف والمنطق عن السيف البغدادي والنحو عن أبي حيان والتصوف عن التاج عن عطاء وسمع من ابن الصواف وعدة وأقبل على التصنيف والفتيا وصنف أكثر من مائة وخمسين مصنفا وتصانيفه تدل على تبحره في الحديث وغيره وسعة باعه في العلوم
صفحة ٣٥٢
وتخرج به فضلاء العصر وولي قضاء الشام بوفاة الجلال القزويني وخرج له الحافظ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أيبك الدمياطي ولما توفي المزي عينت مشيخة دار الحديث الأشرفية للذهبي فقيل إن شرط واقفها أن يكون الشيخ أشعري العقيدة والذهبي متكلم فيه فوليها السبكي قال ولده والذي نراه أنه ما دخلها أعلم منه ولا أحفظ من المزي ولا أورع من النووي وابن الصلاح قال وليس بعد المزي والذهبي أحفظ منه ونقل لنا أنه نظم في دار الحديث المذكور قوله
( وفي دار الحديث لطيف معنى
أحن إلى جوانحها وآوي )
( لعلي أن أمس بحر وجهي
محلا مسه قدم النواوي )
توفي بمصر سنة ست وخمسين وسبعمائة
البرزالي
صفحة ٣٥٣
الإمام الحافظ مفيد الآفاق مؤرخ العصر علم الدين أبو محمد القاسم ابن البهاء محمد بن يوسف ابن الحافظ زكي الدين محمد بن يوسف الدمشقي ولد في جمادى الأولى سنة خمس وستين وستمائة وسمع كثيرا ورحل وأمعن في طلب الحديث مع الاتقان والفضيلة وخرج لنفسه معجما في سبع مجلدات عن أكثر من ثلاثة آلاف شيخ وفيه يقول الذهبي
( إن رمت تفتيش الخزائن كلها
وظهور أجزاء بدت وعوالي )
( ونعوت أشياخ الوجود وما رووا
طالع أو اسمع معجم البرزالي )
ولي تدريس الحديث بالنووية وغيرها وله تاريخ ذيل به على أبي شامة وكان قوي المذاكرة عارفا بالرجال لا سيما شيوخ زمانه وأهل عصره ولم يخلف في معناه مثله مات بمكة في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة رحمه الله وإيانا
ابن مظفر
الإمام المحدث المسند الحافظ المحرر شهاب الدين أبو العباس أحمد ابن مظفر بن أبي محمد بن مظفر بن بدر بن حسن بن مفرح بن بكار النابلسي سبط الحافظ زين الدين خالد النابلسي ولد سنة خمس وسبعين وستمائة وسمع من الفخر وخلائق نحو السبعمائة قال الذهبي في المعجم الكبير وله معرفة وحفظ وقال في المختص الحافظ المحرر وقال البرزالي محدث فاضل على ذهنه فضيلة وفوائد كثيرة تتعلق بهذا الشأن وقال الحسيني كان من أئمة هذا الشأن رحل وحصل وألف وخرج وله تاريخ مات في ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وسبعمائة
صفحة ٣٥٤
أحمد بن أيبك
ابن عبد الله الحسامي الدمياطي الحافظ المخرج المفيد محدث مصر شهاب الدين أبو الحسين ولد سنة سبع وسبعمائة وسمع من حسن الكردي وخلائق وخرج وانتقى وأفاد وله مجاميع وذيل في الوفيات على الحسيني وشرع في تخريج أحاديث الرافعي سمع عليه أبو الخير بن العلائي ومات سنة تسع وأربعين وسبعمائة في رمضان بالطاعون رحمه الله تعالى
ابن رشيد
صفحة ٣٥٥
الإمام المحدث ذو الفنون محب الدين أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن إدريس بن سعيد بن مسعود بن حسن بن محمد ابن عمر بن رشيد الفهري السبتي قال لسان الدين بن الخطيب في تاريخ غرناطة كان إماما مضطلعا بالعربية واللغة والعروض فريد دهره عدالة وجلالة وحفظا وأدبا عالي الإسناد صحيح النقل تام العناية بصناعة الحديث قيما عليها بصيرا بها محققا فيها ذاكرا للرجال فقيها ذاكرا للتفسير ريان من الأدب حافظا للأخبار والتواريخ مشاركا في الأصلين عارفا بالقراآت حسن الخلق كثير التواضع قرأ على ابن أبي الربيع وحازم القرطاجني ورحل فأخذ بمصر والشام والحجاز عن الدمياطي والقطب القسطلاني وخلائق ضمنهم رحلته التي سماها ملء العيبة وهي ست مجلدات قلت وقفت عليها بمكة وعلقت منها فوائد واستفدت منها الحديث المسلسل بالنحاة وعاد إلى غرناطة فنشر بها العلم وقال ابن حجر طلب الحديث فمهر فيه وألف إيضاح المذاهب فيمن يطلق عليه اسم الصاحب وترجمان التراجم على أبواب البخاري أطال فيه النفس ولم يكمل مولده سنة سبع وخمسين وستمائة بسبتة ومات بفاس في محرم سنة إحدى وعشرين وسبعمائة
نجم الدين الدهلي
صفحة ٣٥٦
أبو الخير سعيد بن عبد الله الحريري الجلالي قال الصلاح الصفدي في تاريخه الحافظ الإمام العالم نشأ ببغداد وارتحل إلى مصر وأقام بدمشق وعمل في الحديث عملا جيدا ليس اليوم في الشام مثله في الفرائض وأسماء الرجال وهو حافظ الشام بعد الذهبي وله تآليف منها تفتت الأكباد في واقعة بغداد وقال الذهبي سمع المزي من السروجي عنه ولد سنة اثنتي عشرة وسبعمائة ومات في خامس عشرى ذي القعدة سنة تسع وأربعين وسبعمائة بالطاعون
الشهاب الهكاري
أحمد بن أحمد بن أحمد بن الحسين بن موسى بن موسك الكردي الأصل الهكاري الشيخ شهاب الدين أبو سعيد بن الشهاب أبي الحسن سمع من ابن الصواف ووزيرة وعني بطلب الحديث قال الحافظ أبو الفضل بن حجر وكان عارفا بالرجال جمع كتابا في رجال الصحيحين موصوفا بالدين والخير متواضعا وأعاد بالجامع الحاكمي مات في ثامن جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين وسبعمائة
ابن حبيب
صفحة ٣٥٧
المحدث الحافظ أبو القاسم عمر بن حسن بن عمر بن حبيب الدمشقي الحلبي ولد سنة ثلاث وستين وستمائة وسمع من الفخر وعدة وعني بالرواية وعمل لنفسه فهرسا حافلا وخرج له الذهبي معجما وكان خبيرا بالحديث والأسانيد والمتون وغيره أتقن منه درس الحديث بحلب وولي الحسبة بها ومات سنة ست وعشرين وسبعمائة
السراج القزويني
الحافظ الكبير محدث العراق سراج الدين عمر بن علي بن عمر ولد سنة ثلاث وثمانين وستمائة وعني بالحديث وسمع من الرشيد أبي سعد ابن أبي القاسم ومحمد بن عبد المحسن الدواليبي وخلائق وصنف التصانيف وعمل الفهرست أجاد فيه ومات سنة خمس وسبعين وسبعمائة روى عنه المجد الشيرازي صاحب القاموس
أمين الدين الواني
محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد الدمشقي الحنفي أبو عبد الله ولد سنة أربع وثمانين وستمائة وطلب الحديث فسمع من ابن عساكر وغيره وتعب وحصل قال الذهبي كان من أنبه الطلبة وأجودهم خرج وأفاد ورحل مرات وقال ابن رافع طبق الدنيا بالسماع وصار عالما حافظا وقال البرزالي كان يعرف العوالي ويفيدها الرجال مات في ربيع الأول سنة خمس وثلاثين وسبعمائة
صفحة ٣٥٨
ابن المرابط
الحافظ أبو عمرو محمد بن عثمان بن يحيى بن أحمد بن عبد الرحمن بن ظافر الغرناطي ولد في رجب سنة ثمانين وستمائة وسمع من ابن الزبير سنن النسائي الكبرى وتلا عليه بالسبع وقدم مصر فسمع من الدمياطي وغيره وسكن دمشق وسمع منه المزي والحفاظ وأثنى عليه الحسيني وخرج لشيخه ابن رشيد أربعين تساعيات فيها تخليط فكأنه ليس بالمتقن مات في سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة
الطبقة الثالثة والعشرون عدتهم 11
البهاء بن خليل
صفحة ٣٥٩
عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن أبي عبد الله بن فارس بن أبي عبد الله بن يحيى بن إبراهيم العثماني المكي الشافعي نزيل القاهرة الإمام الفقيه المحدث الحافظ الزاهد القدوة أبو محمد ولد سنة أربع وتسعين وستماية وسمع من الرضي وبيبرس العديمي وخلق وقرأ الفقه والقراآت وعني بالحديث ورحل قال الذهبي في معجمه قرأ الكثير وكان جيد المعرفة أخذ عنه العراقي والهيثمي ومات بالقاهرة ليلة ثالث جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وسبعماية
العلائي
صفحة ٣٦٠
الشيخ الإمام العلامة الحافظ الفقيه ذو الفنون صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي الشافعي عالم بيت المقدس ولد في ربيع الأول سنة أربع وتسعين وستمائة وسمع التقي سليمان وطبقته ولازم البرهان الفزاري والكمال الزملكاني وتخرج به وبرع في الفنون وكان إماما محدثا حافظا متقنا جليلا فقيها اصوليا نحويا قال الذهبي في المختص حافظ يستحضر الرجال والعلل وتقدم في هذا الشأن مع صحة الذهن وسرعة الفهم وقال الحسيني كان إماما في الفقه والأصول والنحو مفننا في علوم الحديث وفنونه علامة فيه عارفا بالرجال علامة في المتون والأسانيد ولم يخلف بعده مثله وقال الأسنوي كان حافظ زمانه أماما في الفقه وغيره ذكيا نظارا سئل السبكي من تخلف بعدك فقال العلائي ألف في الحديث وغيره مصنفات منها الوشي المعلم فيمن روى عن أبيه عن جده عن النبي والأربعين في أعمال المتقين والقواعد المشهورة وعلوم آيات الفرائض وأشياء كثيرة محررة متقنة نافعة وخرج ودرس بأماكن منها الناصرية والأسدية والصلاحية بالقدس والتنكزية وغير ذلك أخذ عنه العراقي وقال مات حافظ المشرق والمغرب صلاح الدين العلائي في ثالث المحرم سنة إحدى وستين وسبعمائة
ابن كثير
الإمام المحدث الحافظ ذو الفضائل عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر
صفحة ٣٦١
بن كثير بن ضوء بن كثير القيسي البصروي ولد سنة سبعمائة وسمع الحجار والطبقة وأجاز له الواني والختني وتخرج بالمزي ولازمه وبرع له التفسير الذي لم يؤلف على نمطه مثله والتاريخ وأدلة التنبيه وتخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب وشرع في كتاب كبير في الأحكام لم يتمه ورتب مسند أحمد على الحروف وضم إليه زوائد الطبراني وأبي يعلى وله مسند الشيخين وعلوم الحديث وطبقات الشافعية وغير ذلك مات في شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة وقال الذهبي في المختص الإمام المفتي المحدث البارع ثقة متفنن محدث متقن وقال ابن حجر كان كثير الاستحضار وسارت تصانيفه في البلاد في حياته وانتفع به الناس بعد وفاته ولم يكن على طريق المحدثين في تحصيل العوالي وتمييز العالي من النازل ونحو ذلك من فنونهم وإنما هو من محدثي الفقهاء قلت العمدة في علم الحديث معرفة صحيح الحديث وسقيمه وعلله واختلاف طرقه ورجاله جرحا وتعديلا وإما العالي والنازل ونحو ذلك فهو من الفضلات لا من الأصول المهمة
العفيف المطري
الحافظ عفيف الدين أبو جعفر وأبو محمد عبد الله بن الجمال محمد بن أحمد بن خليف بن عيسى بن عساس بن يوسف بن بدر بن علي بن عثمان الخزرجي العبادي المدني ولد سنة ثمان وتسعين وستمائة وعني بالحديث ورحل فسمع من الرضي الطبري والواني والحجار وعدة وحصل الفوائد قال الذهبي قدم علينا طالب حديث وله فهم وذكاء ورحلة ولقاء فأفادنا أشياء حسنة وقال ابن رجب كان حافظا وقته عني بالطلب والتواريخ ألف تاريخ المدينة ومات فيها في ربيع الأول سنة خمس وستين وسبعمائة
الزيلعي
صفحة ٣٦٢
الإمام الفاضل المحدث المفيد جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف ابن محمد الحنفي اشتغل كثيرا وسمع من أصحاب النجيب وأخذ عن الفخر الزيلعي شارح الكنز والقاضي علاء الدين بن التركماني وابن عقيل وغير واحد ولازم مطالعة كتب الحديث إلى أن خرج أحادي أحاديث الهداية وأحاديث الكشاف واستوعب ذلك استيعابا بالغا قال شيخ الإسلام ابن حجر ذكر لي شيخنا العراقي أنه كان يرافقه في مطالعة الكتب الحديثية لتخريج الكتب التي كانا قد اعتنيا بتخريجها فالعراقي لتخريج أحاديث الأحياء والأحاديث التي يشير إليها الترمذي في الأبواب والزيلعي لتخريج الكتابين المذكورين فكان كل منهما يعين الآخر مات الزيلعي في محرم سنة اثنتين وستين وسبعمائة ومحله في الطبقة الآتية إلا أنه تقدمت وفاته فقدمته
العز بن جماعة
صفحة ٣٦٣
الحافظ الإمام قاضي القضاة عز الدين أبو عمر عبد العزيز ابن قاضي القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الأصل الدمشقي المولد ثم المصري الشافعي ولد في تاسع عشر المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة فأحضر على عمر القواس وابي الفضل بن عساكر وسمع من الدمياطي والأبرقوهي وأجاز له ابن وريدة وأبو جعفر بن الزبير وأكثر السماع فبلغ شيوخه ألفا وثلاثمائة نفس وتفقه على والده وأخذ عن الجمال الوجيزي والعلاء الباجي وعني بهذا الشأن وصنف تخريج أحاديث الرافعي والمناسك الكبرى على المذاهب الأربعة والصغرى على مذهب الشافعي وولي قضاء الديار المصرية وتدريس الخشابية أثنى عليه الأسنوي في الطبقات وكان قصير الباع في الفقه وهو في الحديث أمثل منه فيه أخذ عنه العراقي ووصفه بالحفظ وجاور بمكة ومات فيها في جمادى الأولى سنة سبع وستين وسبعمائة ودفن بالمعلاة
السروجي
محمد بن علي بن أيبك السروجي أبو عبد الله الحافظ ولد سنة أربع عشرة وسبعمائة وعني بالرواية فسمع الكثير من أصحاب النجيب ومن الدبوسي وابن المصري ولازم ابن سيد الناس وغيره إلى أن بلغ الغاية في الحفظ ووصفه المزي بالحفظ وكذلك البرزالي والذهبي وغيرهم قال الصفدي ما رأيت بعد ابن سيد الناس مثله ما سألته عن شيء من تراجم الناس ووفياتهم وأعصارهم وتصانيفهم إلا وجدته فيه حفظة لا يغيب عنه شيء قال ابن حجر وفي الجملة هو معدود في زمرة الحفاظ ولو علت سنه لكان أعجوبة الزمان شرع في جمع الثقات لو تم لكان عشرين مجلدة وخرج لنفسه مائة حديث متباينة الإسناد مات بحلب في ربيع الأول سنة أربع وأربعين وسبعمائة
الحسيني
صفحة ٣٦٤
الحافظ شمس الدين أبو المحاسن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة بن محمد الدمشقي الشريف الحسيني ولد سنة خمس عشرة وسبعمائة وسمع من ابن عبد الدائم والمزي وخلائق وطلب بنفسه فأكثر ورحل وخرج لنفسه معجما وجمع رجال المسند وألف التذكرة في رجال العشرة الكتب الستة والموطأ والمسند ومسند الشافعي وأبي حنيفة وذيل على العبر وعلى طبقات الحفاظ للذهبي ورتب الأطراف على الألفاظ وله تعليق على الميزان وشرع في شرح سنن النسائي وغير ذلك مات كهلا في شعبان سنة خمس وستين وسبعمائة سئل الحافظ أبو الفضل العراقي عن اربعة تعاصروا أيهم أحفظ مغلطاي وابن كثير وابن رافع والحسيني فأجاب ومن خطه نقلت أن أوسعهم إطلاعا وأعلمهم بالأنساب مغلطاي على أغلاط تقع منه في تصانيفه ولعله من سوء الفهم وأحفظهم للمتون والتواريخ ابن كثير وأقعدهم لطلب الحديث وأعلمهم بالمؤتلف والمختلف ابن رافع وأعرفهم بالشيوخ المعاصرين وبالتخريج الحسيني وهو ادونهم في الحفظ انتهى
مغلطاي
صفحة ٣٦٥
مغلطاي بن قليج بن عبد الله الحنفي الإمام الحافظ علاء الدين ولد سنة تسع وثمانين وستمائة وسمع من الدبوسي والختني وخلائق وولي تدريس الحديث بالظاهرية بعد ابن سيد الناس وغيرها وله مآخذ على المحدثين وأهل اللغة قال العراقي كان عارفا بالأنساب معرفة جيدة وأما غيرها من متعلقات الحديث فله بها خبرة متوسطة وتصانيفه أكثر من مائة منها شرح البخاري وشرح ابن ماجة لم يكمل وقد شرعت في إتمامه وشرح أبي داود ولم يتم وجمع أوهام التهذيب وأوهام الأطراف وذيل على التهذيب وذيل على المؤتلف والمختلف لابن نقطة والزهر الباسم في سيرة أبي القاسم ورتب المبهمات على الأبواب ورتب بيان الوهم لابن القطان وخرج زوائد ابن حبان على الصحيحين مات في رابع عشرى شعبان سنة اثنتين وستين وسبعمائة
ابن رافع
الحافظ المحدث المشهور تقي الدين أبو المعالي محمد بن رافع بن هجرس ابن محمد بن شافع بن محمد السلامي ولد في ذي القعدة سنة أربع وسبعمائة وسمع من التقي سليمان وغيره وأجاز له الدمياطي وغيره وحبب إليه هذا الشأن فأكثر جدا عن شيوخ مصر والشام وجمع معجمه في أربع مجلدات وهو في غاية الضبط والإتقان مشحون بالفوائد وله ذيل على تاريخ بغداد لابن النجار مات في ثامن عشر جمادى الأولى سنة أربع وسبعين وسبعمائة
أبو بكر بن المحب
صفحة ٣٦٦
الحافظ شمس الدين أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله ابن أحمد بن محمد بن إبراهيم المقدسي الحنبلي ويعرف بالصامت لطول سكوته ولا سنة اثنتي عشرة وسبعمائة وحضر على التقي سليمان وغيره وسمع القاسم بن عساكر وخلقا وكان مكثرا شيوخا وسماعا وقرأ الكثير وأجاد وخرج وأفاد وكان عالما متقنا فقيها أفتى ودرس ومات خامس شوال سنة تسع وثمانين وسبعمائة رحمه الله تعالى
الطبقة الرابعة والعشرون عدتها 9
ابن رجب
صفحة ٣٦٧