وقتل الملك المنصور نور الدين تاسع ذي القعدة من سنة سبع وأربعين وستمائة، وثب عليه مماليكه(1) فقتلوه بقصره في الجند(2)، وكان الذي شجعهم على ذلك الأمير أسد الدين محمد بن الحسن بن علي بن رسول، وذلك أنه كان قد أقطعه عمه الملك المنصور صنعاء وأعمالها، فأراد أن يعزله ويجعلها لولده المظفر بن يوسف (3)، فلما قتل السلطان نور الدين سار المماليك بأسرهم إلى زبيد، ثم ساروا منها إلى فشال(4)، وكان فيها الأمير فخر الدين أبو بكر بن الحسن بن علي بن رسول مقطعا(5)، فلقبوه المعظم وحلفوا له(6). وقصدوا مدينه زبيد وحاصروها، وكان السلطان الملك المظفر يومئذغائبا بالمهجم(7) مغاضبا لأبيه، وكان قد هم بالمسير إلى العراق، فلما بلغه العلم بوفاة أبيه انثنى عزمه عن الخروج عن اليمن، وتحير في أمره وضاق لما عرض له من الحوادث، وانحياز المماليك بأسرهم إلى الأمير فخر الدين ، وحصارهم لزبيد، واستيلاء الأمير أسد الدين على صنعاء وأعمالها، وظهور كلمة الإمام أحمد بن الحسين -عليه السلام- في البلاد العليا(1) وانتشار صيته واستيلاؤه على معظم البلاد وحصونها(2)، فعزم الملك المظفر على المسير إلى زبيد(3) في ذي القعدة سنة سبع(4) وأربعين وستمائة، وكلما مر بقبيلة من العرب(5) استخدم خيلها ورجلها. وسار في خدمته من رؤساء العرب الشيخ علي بن عمران القرابلي، والشيخ محمد بن زكري وغيرهما. وكان الشيخ علي بن أبي بكر السوادي ويلقب مخلص الدين وزير الملك المظفر، فلما قرب المظفر من زبيد اضطرب أصحاب الأمير فخر الدين، فكتب إليهم المظفر على أن لهم الأمان، بشرط أن يقبضوا على الأمير فخر الدين والجماعة الذين قتلوا والده نور الدين، (فأجابوه إلى ذلك، وقبضوا على الأمير فخر الدين في خيمته، وقبضوا الجماعة الذين قتلوا السلطان نور الدين)(6) وساروا بأجمعهم إلى السلطان المظفر(7).
صفحة ٨٤