الضوء اللامع
الناشر
منشورات دار مكتبة الحياة
مكان النشر
بيروت
وَقد أَخذ عَنهُ الطّلبَة وانجمع زعم على التصنيف والإقراء وَالنّظم الَّذِي فِيهِ من الهجو مَا لَا يَلِيق وَكنت مِمَّن سَمِعت بقرَاءَته وَسمع بِقِرَاءَتِي واستفاد كل منا من الآخر على عَادَة الطّلبَة فِي ذَلِك وترجمني فِي مُعْجَمه. وَوَقَائعه كَثِيرَة وأحواله شهيرة ودعاوية مستفيضة أهلكه التيه وَالْعجب وَحب الشّرف والسمعة بِحَيْثُ زعم أَنه قيم العصريين بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله وَأَنه أبدى ببديهته جَوَابا مكث التقي السُّبْكِيّ وَاقِفًا عَنهُ أَرْبَعِينَ سنة وَأَنه لَا يخرج عَن الْكتاب وَالسّنة بل هُوَ منطبع بطباع الصَّحَابَة مَعَ رميه للنَّاس بِالْقَذْفِ وَالْفِسْق وَالْكذب وَالْجهل وَذكر ألفاظا لَا تصدر من عَاقل وَأُمُور متناقضة وأفعال سَيِّئَة وحقد تَامّ وَمَا أحسن قَول شيخ الْحَنَابِلَة وقاضيهم الْعِزّ الْكِنَانِي وَكَانَ قَدِيما من أكبر أَصْحَابه مِمَّا سَمعه مِنْهُ غير وَاحِد من الثِّقَات: وَالله أَنه لم يتبع سنة وَاحِدَة وَأَنه لأشبه بالخوارج فِي تنميق الْمَقَاصِد الخبيثة وإخراجها فِي قالب الدّيانَة انْتهى وَقد قيل:
(تَقول أَنا المملوء علما وَحِكْمَة ... وَأَن جَمِيع النَّاس غيرى جَاهِل)
(فَإِن كَانَ مَا فِي النَّاس غَيْرك عَالم ... فَمن ذَا الَّذِي يقْضِي بأنك فَاضل)
وَمَا أحقه بِمَا ترْجم هُوَ بِهِ النويري الْمشَار إِلَيْهِ حَيْثُ قَالَ مِمَّا قرأته بِخَطِّهِ فِيهِ رَأَيْته من أفجر عباد الله يظْهر لمن يجهله أثوابا من الدّين وتنسكا يملك بِهِ قلبه ويغتال عَلَيْهِ دينه لَيْسَ يَأْمَن من وَقع بَصَره عَلَيْهِ على مَال لَهُ وَلَا عرض بل وَلَا نفس لَهُ نفس شغفة بالشهرة ومشفة للعلو وَعِنْده جرْأَة بِاللِّسَانِ مفرطة أوصلته إِلَى حد التهور وَقَلبه ممتلئ مكرا وحسدا وكبرا وَله فِي كل من ذَلِك حكايات تسود الصحائف وتبيض النواصي مَا سكن فِي بلد إِلَّا أَقَامَ بهَا شرورا وشحنها فجورا وَلَوْلَا أعاذنا الله تَعَالَى بِهِ من شدَّة طيشه وإعجابه بِرَأْيهِ لسعر الْبِلَاد وَأهْلك الْعباد إِلَى أَن قَالَ نقلا عَن غَيره أَن أَبَا الْقسم قَالَ لَهُ أَن قَالَ الْمَالِكِيَّة بِالْقَتْلِ قلت بالعصمة وَإِن قَالُوا بالعصمة قلت بِالْقَتْلِ ثمَّ قَالَ وَلم يكن لَهُ فِي شَيْء من ذَلِك غَرَض معِين إِنَّمَا كَانَ غَرَضه بِالْخِلَافِ رَجَاء يرتب عَلَيْهِ ولَايَته الْقَضَاء انْتهى وَمَا علمت أحدا سلم من أَذَاهُ لَا الشُّيُوخ وَلَا الأقران وَلَا من يليهم من كل بلد دخله بالنظم وبالنثر حَتَّى من خوله فِي النعم بعد الْفَاقَة والعدم وَأخذ بجاهه أمورا لَا يَسْتَحِقهَا كالنظر على جَامع الفكاهين وعَلى خَان اويداني وَجَرت فيهمَا وقائع وكتدريس القراآت بالمؤيدية عقب أَمِين الدّين بن مُوسَى واستغرب النَّاس إِذْ
1 / 103