بالرث وأدخل الدخيل في الصريح وجمع بين الصحيح والجريح، وعد من أصحابنا ما لا ينزل بفنائهم ولا يسقى من إنائهم، وأهمل ذكر جماعة من مشايخنا هم أشهر من أن لا يعرفوا، وحاشاهم من أن يكونوا نكرات فيعرفوا فحرك منى هذا الاستدراك ما كان منى في مستكن الخاطر وما به حراك، وذلك بعد أن اشتعل الرأس شيبا وامتلأت العيبة عيبا فأزمعت أولا على تأليف كتاب بسيط حافل كاف في القيام بهذا المقصد كامل.
ثم رأيت أن ذلك يفتقر إلى بسطة فراغ وسكون في هذا الوقف المتصف بالمقت مما لا يكون، مع اشتغال البال واشتعال البلبال، والخطوب ثائره والساعات طائره، والفرص خطفات بروق تأتلق، والنفوس على فواتها تذوب وتحترق، فثنيت العنان عن ذلك المرام، واخذت في تأليف هذا الكتاب المفرغ في قالب الإيجاز والإحكام مع التزامي أن لا أخليه من عيون الأخبار والنكت المعتبرة لدى الاعتبار وأن لا أخل فيه بما يجب ذكره في محاسن كل انسان، مما يليق به من نادرة أو شعر أو مكرمة أو احسان، هذا مع التثبت والتحري في النقل وعدم التساهل الذي لا يسيغه العقل وإذ أسفر إن شاء الله تعالى من أفق النمام صاحبه وأزهر بنور الكلام مصباحه: سميته:
(الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة) سائلا ممن نظر فيه ونهل من صافيه أن يقيل عثاري وزللي، ويستر عواري وخللي، وهو المثاب في اصلاح ما طغى به القلم وزلت به القدم، فان الإنسان محل النسيان وأول ناس أول الناس.
ورتبته على اثنتي عشرة طبقة الأولى في الصحابة: الثانية في التابعين الثالثة في المحدثين الذين رووا عن الأئمة عليهم السلام، الرابعة في العلماء من سائر المحدثين والمفسرين والفقهاء (رض)، الخامسة في الحكماء والمتكلمين، السادسة في علماء العربية، السابعة في السادة الصفوية، الثامنة في الملوك والسلاطين، التاسعة في الأمراء، العاشرة في الوزراء، الحادية عشرة في الشعراء، الثانية عشرة في النساء.
صفحة ٤