الوجه الثاني:
سلمنا أنه لا يرجح كونه من رمضان، ولكن الاحتمالان على السواء، إذ لا دليل يدل على كونه من أحدهما، وسيأتي جواب الأحكام.
الوجه الثالث:
سلمنا أن احتمال كونه من شعبان أرجح، ولكن: لم لا يجب التحرز من الفطر؟ وبيانه: من وجهين:
أحدهما: أن احتمال المفسدة -وإن بعد- لا يؤمن معه وقوعها، فإذا لم يلزم من التحرز مفسدة تعين الاحتراز.
وأما إذا شهد برؤيته فاسق فإنما لم يجب الصوم لأن احتمال وجود الهلال في غاية البعد، إذ لو كان موجودا لأخبر به غيره لتوفر الدواعي على الترائي. وكذلك المجهول الحال.
وأما إذا تشاغلوا عن الرؤية، فيبعد أن يقع التشاغل من الكل من الشيوخ والنساء الذين هم بمعزل عن الشواغل.
الوجه الثاني:
أن أكثر ما في هذا أن الأصل بقاء شعبان، ولكن يجوز أن يخالف الأصل لأصل آخر. وهاهنا أصل، وهو: الاحتياط للعبادة، كما قلنا فيمن أصابه نجاسة وخفي عليه موضعها، فإنه يغسل الجميع، وإن كان الأصل الطهارة. ولا يقال: ((إن الذمة اشتغلت بيقين، فينبغي أن لا يحصل فراغها إلا بيقين)) فإنه إذا اشتبهت عليه القبلة وتحرى وصلى كفاه، وإن كان غير متيقن أنها القبلة، وقد فرغت الذمة المشغولة بيقين بما ليس بيقين.
صفحة ٧٥