الدليل والبرهان لأبي يعقوب الوارجلاني

Abu Yacqub Warjalani ت. 570 هجري
121

الدليل والبرهان لأبي يعقوب الوارجلاني

تصانيف

ولو كانت ضمائرهم صالحة وأسرارهم صادقة مع كذب ألسنتهم التي شهد الله تعالى عليها بالكذب ، لكان حسبهم خروجا من ملة الإسلام مع ما عزاه الله تعالى إليهم من إرادة انفضاض بيضة الإسلام والإيمان ، وتشفي المشركين من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والمؤمنين لكان أعظم الشرك .

ولن يشهد لهم بالإيمان بالقلوب إلا من علم الغيب أو رجل يودهم .

ولن ينفع الإسلام والمسلمين تبرئتهم من الشرك شيئا .

ولن يضر الإسلام والمسلمين نسبتهم إلى الشرك ، وما علينا أن نحسدهم الشرك ، والشرك المستخفى به نفاق ، وليس في الإحكام ما يدل على بواطنهم وإنما يتعامل الناس في الدنيا بما ظهر ، وبالضمائر يوم تبلى السرائر .

ولو أن أحدا يقضى على شركة بالأفعال لكانوا هم ، وقد عرفنا الله - عز وجل - من خبيث ضمائرهم أفحش من ظواهرهم ، وقد أغنانا الله تعالى عن ذلك بما عرفنا من سرائرهم .

ومن ادعى معرفة الضمائر والاعتقاد ، وعلم ما في الفؤاد من غير تعريف الله - عز وجل - ، فقد جاوز علمه ومعرفته علم العباد .

وإن ادعى الاستدلال بالأحكام على أنهم أبرياء من الشرك والارتداد وحسن سلامة الاعتقاد فهو أقرب إلى الخطأ والفساد .

فلو قاس البواطن على الظواهر ، لكان أعذر من أن يقيس الظواهر على البواطن ، ظواهرهم خبيثة وبواطنهم أخبث .

والمسلمون ظواهرهم طيبة ، وبواطنهم طيبة ، ليس في الأحكام دليل ، وهاهنا بعض أحكام المسلمين جارية على اليهود والنصارى وليسوا بموحدين .

وإنما وقع الاختلاف بين الأمة في أهل الكبائر ، فأطلق عليهم أهل البصائر في الدين اسم النفاق ، وقاسوهم على من قبلهم من أهل الشقاق ، وامتنع الآخرون وقالوا النفاق في الخفاء والفساد ، وهؤلاء السلاطين وجنودهم .

صفحة ٤٧