دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين
الناشر
دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الرابعة
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
(إن الله عز) جده (وجلّ) شأنه (يقبل توبة العبد) أي: المذنب المكلف ذكرًا أو أنثى كرمًا منه وفضلًا كما سبق (ما لم يغرغر) أي: تصل روحه حلقومه من الغرغرة: وهي جعل الشراب في الفم، ثم يديره إلى أصل حلقومه فلا يبلعه، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن﴾ (النساء: ١٨) وفسر ابن عباس حضوره بمعاينة ملك الموت وقال غيره: مراده تيقن الموت لا خصوص رؤية ملكه، لأنّ كثيرًا من الناس لا يراه. وردّ بأن قوله تعالى: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم﴾ (السجدة: ١١) يدل على أن كل أحد يراه، فمدعي العدم يلزمه الدليل عليه. قلت: وفي الاستدلال بهذا ما لا يخفى، إذ لا يلزم من توفيه لكل رؤية كل منهم له قيل: السرّ في عدم قبولها حين اليأس أن من شروطها عزمه على ألا يعود، وذلك إنما يتحقق مع تمكن التائب من الذنب وبقاء أوان الاختيار، وقال في «فتح الإله» بعد كلام قدمه: والحاصل أنه متى فرض الوصول لحالة لا تمكن الحياة بعدها عادة لا تصح منه حينئذٍ توبة ولا غيرها وهذا مراد الحديث بيغرغر ومتى لم يصل لذلك صحت منه التوبة وغيرها اهـ (رواه) الإمام الحافظ أبو عيسى محمدبن عيسى ابن سورة (الترمذي) بضم المثناة وفتحها وكسرها: نسبة إلى مدينة قديمة على طرف نهر بلخ الذي يقال له جيحون، كذا في «لبّ اللباب» للنيسابوري، وسكت عن بيان حركة ميمه وبينها السمعاني فقال بكسر الفوقية والميم وبضمهما وبفتح الفوقية وكسر الميم اهـ.
قال ابن سيد الناس: المتداول بين أهل تلك المدينة فتح الفوقية وكسر الميم، والذي نعرفه قديمًا كسرهما معًا، والذي يقوله المتقنون من أهل المعرفة بضمهما اهـ. وهو الإمام الحافظ أحد الأئمة الستة، قيل كفّ في آخر عمره، وقيل إنه ولد أكمه. قال ابن حبان في «الثقات»: كان ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر. ولد سنة (٢٠٩) مائتين وتسع. قال المستغفري: وتوفي في شهر رجب سنة ٢٩٧ سبع وتسعين ومائتين، وهذا هو الصحيح. وقول الخليلي إنه مات بعد الثمانين رده العراقي وغيره، بل قال بعضهم
1 / 101