152

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين

الناشر

دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع

الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

ما نزل به أو ببلده (محتسبًا) أي راجيًا للأجر والثواب من الله (يعلم أنه لا يصيبه) شيء (إلا ما كتب له) العائد على ما محذوف (إلا كان له مثل أجر الشهيد) وإن مات بغير الطاعون، فإنه حيث كان موصوفًا بما أشار إليه الحديث من قصده ثواب الله ورجائه موعوده، عارفًا أنه لو وقع به فبتقديرالله. وإن صرف عنه فكذلك، وهو غير متضجر لو وقع به معتمدًا على ربه في حال صحته وسقمه كان له أجر الشهيد وإن مات بغير الطاعون كما هو ظاهر الحديث، ويؤيده رواية «من مات في الطاعون فهو شهيد» ولم يقل بالطاعون/ وكذا لو وجد من اتصف بهذه الصفات ثم مات بعد انقضاء زمن الطاعون، فإن ظاهر الحديث أنه شهيد، ونية المؤمن أبلغ من عمله، أما من لم يتصف بالصفات المذكورة فإن مفهوم الحديث أنه لا يكون شهيدًا وإن مات بالطاعون. ومما يستفاد من هذا الحديث أن الصابر في الطاعون المتصف بالصفات المذكورة يأمن من فتان القبر لأنه نظير المرابطة في سبيلالله، وقد صح ذلك في المرابط كما في حديث مسلم وغيره اهـ ملخصًا من «فتح الباري» (رواه البخاري) وكذا أحمد والنسائي.
٣٤١٠ - (وعن أنس ﵁ قال: سمعت النبيّ يقول) جملة حالية عن مفعول سمعت، وأتى بها مضارعة بعد سمع: حكاية للحال الماضية (إن الله ﷿ أي: عزّ شأنه وجل برهانه، وأتى بهما وإن كانا في المعنى متقاربين لأن مقام الثناء مقام إطناب، وهذا حديث قدسي لأنه روى عن ربه سبحانه أنه (قال) أي: بكلامه النفسي الذي هو صفة ذاته (إذا ابتليت عبدي) أي عاملته معاملة المبتلي: أي المختبر، فإن الابتلاء إنما يكون من الجاهل بعواقب الأحوال وا بكل شيء عليم، وهو يستعمل في الخير والشر (بحبيبتيه فصبر) على فقدهما محتسبًا لأجرهما مدخرًا له عند الله تعالى (عوّضته منهما) أي بدلهما فهو كقوله تعالى: ﴿أرضيتم بالحيوة الدنيا من الآخرة﴾ (التوبة: ٣٨) (الجنة) أي: مع الفائزين أو منازل مخصوصة منهما (يريد) أي: النبي بحبيبتيه (عينيه) محضهما بذلك لأنهما أحبّ

1 / 174