252

دلائل الإعجاز

محقق

محمود محمد شاكر أبو فهر

الناشر

مطبعة المدني بالقاهرة

رقم الإصدار

الثالثة ١٤١٣هـ

سنة النشر

١٩٩٢م

مكان النشر

دار المدني بجدة

كُنْتُمْ مُوقِنِينَ، قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ، قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ، قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ، قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ، قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ، قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ، قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الشعراء: ٢٣ - ٣١]، جاء ذلك كلُّه، واللهُ أعلمُ، على تقديرِ السؤال والجوابِ كالذي جرتْ به العادةُ فيما بين المخلوقين، فلما كان السامع منا إِذا سَمِع الخبرَ عن فرعونَ بأنه قال: ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾، وقعَ في نفسه أن يقول: "فما قال موسى له؟ " أتى قوله: ﴿قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، مأتى الجوابِ مبتدأ مفصولًا غيرَ معطوف. وهكذا التقديرُ والتفسيرُ أبدًا في كل ما جاءَ فيه لفظُ "قال" هذا المجيء، وقد يكونُ الأمرُ في بعضِ ذلك اشدَّ وضوحًا.
٢٧٦ - فمما هَوَ في غاية الوضوح قولُهُ تعالى ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ، قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ﴾ [الحجر: ٥٧، ٥٨]، وذلك أنَّه لا يَخْفى على عاقلٍ أنه جاء على معنى الجواب، وعلى أن نزل السامعون كأنهم قالوا: "فما قالَ له الملائكةُ؟ "، فقيل: ﴿قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ﴾.
٢٧٧ - وكذلك قولُه ﷿ في سورة يس ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ، إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ، قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ، قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ، وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ، قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ

1 / 241