244

دلائل الإعجاز

محقق

محمود محمد شاكر أبو فهر

الناشر

مطبعة المدني بالقاهرة

رقم الإصدار

الثالثة ١٤١٣هـ

سنة النشر

١٩٩٢م

مكان النشر

دار المدني بجدة

عطف: ﴿إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾ على ما قَبْلَه، لكان يَكونُ قد أُدْخِلَ في الحكايةِ، ولصار حديثًا مِنهم عن أنفسهم بأنهم هُمُ السفهاءُ، من بَعْدِ أن زَعموا أنهم إنَما تُركوا أن يؤمِنوا لئلا يكونوا من السفهاء.
لا يعطف الخبر على الاستفهام:
٢٦٥ - على أن في هذا أمر آخر، وهو أن قوله: ﴿أَنُؤْمنُ﴾ استفهام، لا يُعْطَفُ الخبرُ على الاستفهام.
فإِن قلت: هَلْ كان يجوزُ أن يُعْطَف قولُه تعالى: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ على "قالوا" من قولِه: ﴿قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ﴾ لا على ما بعد، وكذلك كان يعفل في ﴿إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾، و﴿إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ﴾، وكان يكونُ نظيرَ قولِه تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ [الأنعام: ٨] وذلك أن قوله: ﴿وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا﴾ معطوف، من غير شك، على "قالوا" دون ما بعده؟
قيل: إن حكم العطف على "قالوا" فيما نحنُ فيه١، مخالفٌ لحكمه في الآية التي كذرت. وذلك أن "قالوا" ههنا جوابُ شرطٍ، فلو عُطِف قولُه: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ عليه، لَلزِمَ إدخالُه في حُكْمِه مِنْ كونه جوابًا، وذلك لا يصح.
بيان العطف على جواب الشرط:
وذاك أنه متى عُطِف على جوابِ الشرطِ شيءٌ "بالواو" كان ذلك على ضربينِ: أحدُهما: أن يكونا شيئين يتصوَّرُ وجودُ كلِّ واحدٍ منهما دُونَ الآخر، ومثالُه قولكَ "إن تأتِني أكرمك أعطك وأكسك"٢ والثاني: أن يكون

١ في المطبوعة: "إن حكم المعطوف على قالوا"، وفي "ج": "إن حكم" قالوا "فيما نحن فيه".
٢ "أكرمك"، ليست في "ج".

1 / 233