وذكر القاضي عياض معنى هذا وزاد عليه ووضحه (١) فقال: اختصاص عصمة المال والنفس لمن قال لا إله إلا الله تعبير عن الإجابة إلى الإيمان وأن المراد مشركوا العرب وأهل الأوثان ومن لا يوحد، وهم أول من دعي إلى الإسلام وقوتل. فأما غيرهم ممن يقر بالتوحيد فلا يكتفي في عصمته بقول لا إله إلا الله إذا كان يقولها في كفره، وهي من اعتقاده فلذلك جاء في الحديث الآخر: "أني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة" وهذا كلام القاضي.
قلت: ولابد من الإيمان بما جاء به الرسول ﷺ كما جاء في الرواية الأخرى عن أبي هريرة: "حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به". انتهى كلام النووي.
ولازم قول من قال: إنه لا يجوز قتال من قال لا إله إلا الله تخطئة أصحاب رسول الله ﷺ في قتالهم مانعي الزكاة، وإجماعهم على قتال من لا يصلي، إذا كانوا طائفة ممتنعين (٢) .
_________
= الأصحاب. والأخرى أنها تقبل وفاقا للجمهور وهو اختيار أبي بكر الخلال وظاهر كلام الخرقي رحمهما الله.
قال الإمام ابن قدامة في المغني بعد سياق الخلاف (٩/٨ ط مكتبة القاهرة): -وفي الجملة فالخلاف بين الأئمة في قبول توبتهم في الظاهر من أحكام الدنيا، من ترك قتلهم، وثبوت أحكام الإسلام في حقهم. وأما قبول الله تعالى لها في الباطن، وغفرانه لمن تاب وأقلع ظاهرا أم باطنا فلا خلاف فيه، فإن الله تعالى قال في المنافقين: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ .ا. هـ.
(١) في نسخة صحيح مسلم شرح النووي (وأوضحه) .
(٢) قال ابن القيم في كتابه القيم الصلاة ص٢٣: " وأما إجماع الصحابة- أي على كفر تارك الصلاة- فقال ابن زنجوية حدثنا عمر بن الربيع حدثنا يحيى بن أيوب عن يونس عن ابن شهاب قال حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس أخبره أنه جاء عمر بن الخطاب حين طعن في المسجد ... الحديث وفيه:"فقال – أي عمر- لا إسلام لمن ترك الصلاة وفي سياق آخر لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.." فقال هذا =
1 / 50