العزلة والانفراد

ابن أبي الدنيا ت. 281 هجري
31

العزلة والانفراد

محقق

مسعد عبد الحميد محمد السعدني

الناشر

مكتبة الفرقان

مكان النشر

القاهرة

حَالُ الرَّجُلِ عِنْدَ ذِكْرِهِ لِلْقَبْرِ ٥٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى رَجُلٍ بِالْمِصِّيصَةِ فِي بَيْتٍ فِيهِ: فَرَسُهُ، وَعَلَفُهُ، وَقُمَاشُهُ، فَقُلْتُ: أَمَا تَضِيقُ نَفْسُكَ مِنْ هَذَا؟ ! فَبَكَى، وَقَالَ: إِذَا ذَكَرْتُ الْقَبْرَ وَضِيقَهُ وَظُلْمَتَهُ، اتَّسَعَ هَذَا عِنْدِي، وَلَهِيتُ عَنْ غَيْرِهِ ".
مَعَ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ ٥٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: إِسْحَاقُ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ بِبَيْرُوتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ فِي الظُّلْمَةِ؟ قَالَ: ظُلْمَةُ الْقَبْرِ أَشَدُّ، قَالَ: مَا لِي أَرَاكَ وَحْدَكَ لَيْسَ لَكَ رَفِيقٌ؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ لِي رَفِيقٌ لا أَقْدِرُ أَنْ أَقُومَ بِحَقِّهِ، قَالَ لَهُ سَعِيدٌ: خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، فَإِنَّا لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: يَا سَعِيدُ! إِنَّ نَفْسِي لَمْ تُجِبْنِي إِلَى هَذَا الَّذِي أَجَابَتْنِي إِلَيْهِ إِلا بَعْدَ كَدِّكَ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أُعَوِّدَهَا مِثْلَ دَرَاهِمِكَ هَذِهِ، فَمَنْ لِي بِمِثْلِهَا إِذَا أَنَا أَصْبَحْتُ؟ لا حَاجَةَ لِي فِيهَا، قَالَ: فَذَكَرَ سَعِيدٌ لِلأَوْزَاعِيِّ، فَقَالَ: دَعْ سُلَيْمَانَ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ فِي السَّلَفِ لَكَانَ عَلامَةً " (١) .

(١) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (٨/٣٧٧) من طريق ابن أبي الدنيا به.

٥٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ، ثنا أَبِي، عَنْ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ، قَالَ: قِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَكَوْكَ أَنْ تَمُرَّ وَلا تُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ لِفَضْلٍ أَرَاهُ عِنْدِي، وَلَكِنِّي شِبْهُ الْحَشِّ، إِذَا ثَوَرْتُهُ ثَارَ، وَإِذَا قَعَدْتُ مَع النَّاسِ جَاءَ مِنِّي مَا أُرِيدُ وَمَا لا أُرِيدُ " (١) .

(١) أخرجه أبو نعيم في " الحلية الأولياء " (٨/٢٧٧)، من طريق ابن أبي الدنيا به. ثوَّره: أثاره وأهاجه والحش: الكنيف. وقد وقع في " الحلية " بعض الأخطاء في المتن والأثر، والصواب ما هنا.

٥٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ⦗٣٤⦘ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ وَهُوَ بِمَكَّةَ، قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جِئْتُ أُونِسُكَ، قَالَ: جِئْتَ تُؤْنِسُنِي وَأَنَا أُعَالِجُ الْوَحْدَةَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً؟ (١) .

(١) قوله: أعالج: أي: أصارع.

1 / 33