عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤/١٩٩٣.
مكان النشر
بيروت
إليك رسول الله أعلمت نَصَّهَا ... أُكَلِّفُهَا حُزْنًا وَقوزا مِنَ الرَّمَلِ
لأَنْصُرَ خَيْرَ النَّاسِ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ... وَأَعْقِدُ حَبْلا مِنْ حِبَالِكَ فِي حَبْلِي
وَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لا شَيْءَ غَيْرَهُ ... أَدِينُ لَهُ مَا أَثْقَلَتْ قَدَمِي نعلي
في خبر ذكره وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ لِمِرْدَاسٍ أَبِي عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ وَثَنٌ يَعْبُدُهُ وَهُوَ حَجَرٌ يُقَالُ لَهُ: ضِمَارُ، فَلَمَّا حَضَرَ مِرْدَاسٌ قَالَ لِعَبَّاسٍ: أَيْ بُنَيَّ: اعْبُدْ ضِمَارَ فَإِنَّهُ يَنْفَعُكَ وَيَضُرُّكَ، فَبَيْنَمَا عَبَّاسٌ يَوْمًا عِنْدَ ضِمَارَ إِذْ سَمِعَ مِنْ جَوْفِ ضِمَارَ مُنَادِيًا يَقُولُ:
قَلْ لِلْقَبَائِلِ مِنْ سُلَيْمٍ كُلِّهَا ... أَوْدَى ضِمَار وَعَاشَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ
أَنَّ الَّذِي وَرَثَ النُّبُوَّةَ وَالْهُدَى ... بَعْدَ ابْنِ مَرْيَمَ مِنْ قُرَيْشٍ مُهْتَدِ
أَوْدَى ضِمَار وَكَانَ يُعْبَدُ مَرَّةً ... قَبْلَ الْكِتَابِ إِلَى النبي محمد
فَحَرَقَ الْعَبَّاسُ ضِمَار وَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ ﷺ.
وَرَوَى أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي لَهَبٍ يُقَالُ لَهُ: لُهَيْبٌ، أَوْ: لُهَيْبُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: حَضَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرْتُ عِنْدَهُ الْكَهَانَةَ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي، نَحْنُ أَوَّلُ مَنْ عَرَفَ حراسة السماء، وزجر الشياطين، ومعهم مِنَ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ عِنْدَ قَذْفِ النُّجُومِ، وَذَلِكَ أَنَا اجْتَمَعْنَا إِلَى كَاهِنٍ لَنَا يُقَالُ لَهُ: خطرُ بْنُ مَالِكٍ: وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ مِائَتَا سَنَةٍ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ كُهَّانِنَا، فَقُلْنَا لَهُ: يَا خطرُ هَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ الَّتِي يُرْمَى بِهَا، فَإِنَّا قَدْ فَزِعْنَا لِذَلِكَ وَخِفْنَا سُوءَ عَاقِبَتِهَا فَقَالَ:
ائْتُونِي بِسَحَرٍ ... أُخْبِرُكُمُ الْخَبَرَ
ألخير أم ضرر ... أولا لأَمْنٍ أَوْ حَذَرٍ.
قَالَ: فَانْصَرَفْنَا عَنْهُ يَوْمَنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ فِي وَجْهِ السَّحَرِ أَتَيْنَاهُ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى قَدَمَيْهِ شَاخِصٌ فِي السَّمَاءِ بِعَيْنَيْهِ، فَنَادَيْنَاهُ: يَا خَطَرُ يَا خطرُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْنَا أَمْسِكُوا فَأَمْسَكْنَا فَانْقَضَّ نَجْمٌ عَظِيمٌ مِنَ السَّمَاءِ وَصَرَخَ الْكَاهِنُ رَافِعًا صَوْتَهُ: أصابه أصابه- خامرة عقابه- عالة عَذَابُهُ- أَحْرَقَهُ شِهَابُهُ- زَايَلَهُ جَوَابُهُ- يَا وَيْلَهُ مَا حَالُهُ- بَلْبَلَهُ بَلْبَالُهُ- عَاوَدَهُ خبَالُهُ- تَقَطَّعَتْ حِبَالُهُ- وَغُيِّرَتْ أَحْوَالُهُ.
ثُمَّ أَمْسَكَ طَوِيلا يَقُولُ:
يَا مَعْشَرَ بَنِي قَحْطَانَ: ... أُخْبِرُكُمْ بِالْحَقِّ وَالْبَيَانِ.
1 / 93