عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤/١٩٩٣.
مكان النشر
بيروت
الْهَيْثَمِ بْنَ التَّيِّهَانِ بَدَلَ رِفَاعَةَ. وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَيْهَقِيِّ بِسَنَدِهِ إِلَى مَالِكٍ قَالَ فحَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّ جِبْرِيلَ ﵇ كَانَ يُشِيرُ لَهُ إِلَى مَنْ يَجْعَلُهُ نَقِيبًا. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الَّذِي تَوَلَّى الْكَلامَ مَعَ الأَنْصَارِ وَشَدَّ الْعَقْدَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْعَدَنِيِّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عن ابن خيثم عَنْ أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِرٍ فَذَكَرَ حَدِيثَ العقبة وفيه: فأخذ بِيَدِهِ (يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ وَهُوَ أَصْغَرُ السَّبْعِينَ، إِلَّا أَنَا، فَقَالَ: رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبِ، إِنَّا لَمْ نَضْرِبْ إِلَيْهِ أَكْبَادَ الْمَطِيِّ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَإِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ، وَإِنْ تَعَضَّكُمُ السُّيُوفَ فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَيْهَا إِذَا مَسَتْكُمْ بِقَتْلِ خِيَارِكُمْ وَمُفَارَقَةِ الْعَرَبِ كَافَّةً، فَخُذُوهُ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ، وَإِمَّا أَنْتُمْ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خِيفَةً فَذَرُوهُ فَهُوَ أَعْذَرُ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ، فَقَالُوا: يَا أَسْعَدُ: أَمِطْ عَنَّا يَدَكَ، فَوَاللَّهِ لا نَذَرُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ وَلا نَسْتَقِيلُهَا ... الْحَدِيثَ. وَقِيلَ: بَلِ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نضلة. روينا عن ابن إسحق قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا اجْتَمَعُوا لِبَيْعَةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ إِنَّكُمْ تُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِ الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ مِنَ النَّاسِ، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، قَالَ: فَأَمَّا عَاصِمٌ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ الْعَبَّاسُ إِلَّا لِيَشُدَّ الْعَقْدَ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: مَا قَالَ ذَلِكَ الْعَبَّاسُ إِلَّا لِيُؤَخِّرَ الْقَوْمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ رَجَاءَ أَنْ يَحْضُرَهَا عَبْدُ الله بن أبي بن سَلُولٍ فَيَكُونُ أَقَوى لأَمْرِ الْقَوْمِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ. وَكَانَتْ هَذِهِ الْبَيْعَةُ عَلَى حَرْبِ الأَسْوَدِ وَالأَحْمَرِ، وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِنَفْسِهِ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ لِرَبِّهِ، وَجَعَلَ لَهُمْ عَلَى الْوَفَاءِ بِذَلِكَ الْجَنَّةَ، فَأَوَّلُ الْمُبَايِعِينَ فِيهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ: فَرُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ إسحق مِنْ طَرِيقِ الْبَكَّائِيِّ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَيْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَزِيعٍ عَنْهُ قَالَ: بَنُو النَّجَّارِ يَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَبَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ يَقُولُونَ: بل أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التِّيِّهَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ،
فَلَمَّا انْتَهَتِ الْبَيْعَةُ صَرَخَ الشَّيْطَانُ مِنْ رَأْسِ الْعَقَبَةِ، يَا أَهْلَ الْجُبَاجِبِ: هَلْ لَكُمْ فِي مُذَمَّمٍ وَالصُّبَاةُ مَعَهُ قَدْ أَجْمَعُوا، عَلَى حَرْبِكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَذَا أَزَبُّ الْعَقَبَةِ، أَتَسْمَعُ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ:
أَمَا وَاللَّهِ لأَفْرُغَنَّ لَكَ» فاستأذنه العباس ابن عُبَادَةَ فِي الْقِتَالِ، فَقَالَ: «لَمْ نُؤْمَرْ بِذَلِكَ»
وَتَطَلَّبَ الْمُشْرِكُونَ خَبَرَهُمْ، فَلَمْ يَعْرِفُوهُ، ثُمَّ شَعَرُوا به حين انصرفوا، فاقتفوا آثارهم، فلم يدركوا إِلَّا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، فَأَمَّا سَعْدٌ فَكَانَ مِمَّنْ عُذِّبَ فِي اللَّهِ،
1 / 192