العقود الدرية
محقق
محمد حامد الفقي
الناشر
دار الكاتب العربي
رقم الإصدار
الأولى
مكان النشر
بيروت
تصانيف
التراجم والطبقات
وَكَانَت هَذِه الْمَسْأَلَة قد أرسل بهَا طَائِفَة من المعاندين المتجهمة مِمَّن كَانَ بَعضهم حَاضرا فِي الْمجْلس فَلَمَّا وصل إِلَيْهِم الْجَواب أسكتهم
وَكَانُوا قد ظنُّوا أَنِّي إِن أجبْت بِمَا فِي ظنهم أَن أهل السّنة تَقوله حصل مقصودهم من الشناعة وَإِن أجبْت بِمَا يَقُولُونَهُ هم حصل مقصودهم من الْمُوَافقَة
فَلَمَّا أجِيبُوا بالفرقان الَّذِي عَلَيْهِ أهل السّنة وَلَيْسَ هُوَ مَا يَقُولُونَهُ هم وَلَا مَا ينقلونه عَن أهل السّنة إِذْ يَقُوله بعض الْجُهَّال بهتُوا لذَلِك
وَفِيه إِن الْقُرْآن كَلَام الله حُرُوفه ومعانيه لَيْسَ الْقُرْآن إسما لمُجَرّد الْحُرُوف وَلَا لمُجَرّد الْمعَانِي
وَلما جَاءَت مَسْأَلَة الْقُرْآن فَقلت وَمن الْإِيمَان بِهِ الْإِيمَان بِأَن الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يعود نَازع بَعضهم فِي كَونه مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يعود وطلبوا تَفْسِير ذَلِك
فَقلت أما هَذَا القَوْل فَهُوَ الْمَأْثُور الثَّابِت عَن السّلف مثل مَا نَقله عَمْرو بن دِينَار قَالَ أدْركْت النَّاس مُنْذُ سبعين سنة يَقُولُونَ الله الْخَالِق وَمَا سواهُ مَخْلُوق إِلَّا الْقُرْآن فَإِنَّهُ كَلَام الله غير مَخْلُوق مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يعود وَقد جمع غير وَاحِد مَا فِي ذَلِك من الْآثَار عَن النَّبِي ﷺ وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ
1 / 239