163

العقود الدرية

محقق

محمد حامد الفقي

الناشر

دار الكاتب العربي

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

بيروت

بِفضل الله من نَصره ورزقه الَّذِي يجريه بِفعل غَيره فَإِن أَقْوَامًا يشحون بمعروفهم وأقواما يشحون بِمَعْرُوف الله وفضله وهم الحساد
ثمَّ قَالَ تَعَالَى ﴿فَإِذا جَاءَ الْخَوْف رَأَيْتهمْ ينظرُونَ إِلَيْك تَدور أَعينهم كَالَّذي يغشى عَلَيْهِ من الْمَوْت﴾ من شدَّة الرعب الَّذِي فِي قُلُوبهم يشبهون الْمغمى عَلَيْهِ وَقت النزع فَإِنَّهُ يخَاف وَيذْهل عقله ويشخص بَصَره وَلَا يطرف فَكَذَلِك هَؤُلَاءِ لأَنهم يخَافُونَ الْقَتْل ﴿فَإِذا ذهب الْخَوْف سلقوكم بألسنة حداد﴾
وَيُقَال فِي اللُّغَة صلقوكم وَهُوَ رفع الصَّوْت بالْكلَام المؤذي وَمِنْه الصالقة وَهِي الَّتِي ترفع صَوتهَا بالمصيبة يُقَال صلقه وسلقه وَقد قَرَأَ طَائِفَة من السّلف بهَا لَكِنَّهَا خَارِجَة عَن الْمُصحف إِذا خاطبه خطابا شَدِيدا قَوِيا وَيُقَال خطيب مسلاق إِذا كَانَ بليغا فِي خطبَته لَكِن الشدَّة هُنَا فِي الشَّرّ لَا فِي الْخَيْر كَمَا قَالَ بألسنة حداد (أشحة على الْخَيْر) وَهَذَا السلق بالألسنة الحادة
وَهَذَا يكون بِوُجُوه تَارَة يَقُول المُنَافِقُونَ للْمُؤْمِنين هَذَا الَّذِي جرى علينا بشؤمكم فَإِنَّكُم أَنْتُم الَّذين دعوتم النَّاس إِلَى هَذَا الدّين وقاتلتم عَلَيْهِ وخالفتموهم فَإِن هَذَا مقَالَة الْمُنَافِقين للْمُؤْمِنين من الصَّحَابَة
وَتارَة يَقُولُونَ أَنْتُم الَّذين أشرتم علينا بالْمقَام هُنَا والثبات بِهَذَا

1 / 179