دام حكم الموحدين للمغرب الأوسط ما يقرب من قرن (٥٣٩ - ٦٣٣هـ)، ثم تلاهم الحفصيون، وكانت مدينة بجاية هي عاصمة الجزائر الحفصية في هذا العهد.
وكتاب "عوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية" الذي صنفه فقيهها وقاضيها ومؤرخها أبو العباس الغبريني، وترجم فيه لأكثر من مائة وأربعين من رجال القرن السابع الهجري- وأكثرهم عاصر العهدين، الموحدي والحفصي- يعد أحفل سجل عن هذه الحقبة الذهبية التي عرفتها المدينة الإسلامية العربية، ففيه يتبين للقارىء ما كان لهذه المدينة من الصلات الوثيقة مع مراكز الحركات الثقافية في العالم الإسلامي، ومدى أثرها في الانتاج الأدبي من نثر وشعر وتاريخ ... وفي العلوم الدينية من فقه وأصول وتصوف. الخ.
ولما كانت المكتبة العربية- وما تزال- في حاجة إلى بعث مثل هذا التراث النفيس الذي يبين عن أمجادنا في مختلف المجالات العلمية، وقع اختياري عليه ليكون أول كتاب أقوم بنشره من سلسلة كتب التراث الجزائري التي عقدت العزم على تحقيقها وطبعها.
واليوم إذ أقدم هذا الكتاب للقارئين العرب في أبهى حلة، بعد أن حققت أصوله وعلقت عليها حيث وجب التعليق، وترجمت لأعلامه المذكورين في متنه، أرجو أن يرضي رغبات المثقفين من أبناء هذه الأمة، ويقع موقع الرضى والقبول من الباحثين والدارسين والمؤرخين. كما أرجو أن أكون بعملي المتواضع هذا، قد أسديت للمكتبة الجزائرية بخاصة، والمكتبة العربية بعامة، يدا تذكر بالخير كلما ذكر العاملون في سبيل إحياء تراثنا. وقد بدأت عملي بتقديم المؤلف والكتاب إلى القراء ليكونوا على بينة من الرجل وكتابه قبل أن يقرأوه من بابه إلى محرابه.
1 / 8