سبيلا، إلى أن سمع منشدا ينشد سحرا لعلي بن الجهم.
عيون المها بين الرصافة والجسر ... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
فترك بلباله، وزال عن لسانه عقاله، فكتب بالقصيدة التي منها هذه القطعة للوالي فتلقاها بالقبول، وشفع فيه وفي أصحابه جده النبي الأمي خير شفيع وأكرم رسول، وهي هذه:
سلام كعرف المندل الرطب في الجمر ... وإلا كما هب النسيم على الزهر
فلله در مقلتين بعبرة ... تعبر فوق الخد عن كامن السر
وقد راعني ايماض برق بذي الغضا ... كما ابتسم الزنجي عن بهج الثغر
بدا لي أن الليل أروى زناده ... ولا نار إلا نور برق له يسري
ونار بأكبادي أكابد حرها ... وقلب سليم قلب في لظى جمر
وما طائر فوق الغصون مسرح ... كمن بات مقصوص الجناحين في وكر
فلم أنس توديع البنين مصفدا ... وأصغرهم يجري وأدمعه تجري
أبا زيد إني بالحسين وسيلتي ... وجدي شفيع الناس في موقف الحشر
وكانت له ﵀ ابنة تسمى عائشة كانت أديبة أريبة، فصيحة لبيبة، وكان لها خط حسن، رأيت كتاب الثعالبي بخطها في ثمانية عشر جزءا، وفي خاتمة كل سفر منه قطعة من الشعر من نظم والدها ﵀، إذا ختم السفر وتم التأريخ يكتب بخط يده، وقال عمارة بن يحيى بن عمارة الشريف الحسني، وتكتب ابنته القطعة بخطها، وهي نسخة عتيقة ما رأيت أحسن
1 / 47