عن أبي هريرة: -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله -عز وجل- أذهب عنكم عبية الجاهلية (¬2) وفخرها (¬3) بالآباء، الناس بنو آدم، وآدم من تراب: مؤمن تقي، وفاجر شقي، لينتهين أقوام يفتخرون برجال (¬1) إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان (¬2) التي تدفع النتن (¬3) بأنفها" (¬4).
وعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له، وقد التفت نحو المدينة: "إن أهل بيتي هؤلاء يرون أنهم أولى الناس بي، وإن أولى الناس بي المتقون، من كانوا، وحيث كانوا" الحديث (¬5).
فالحزم اللائق بالنسيب: أن يتقي الله تعالى، ويكتسب من الخصال الحميدة ما لو كانت في غير نسيب لكفته، ليكون قد زاد على الزبد شهدا، وعلق على جيد الحسناء عقدا، ولا يكتفي: لمجرد الانتساب إلى جدود سلفوا، ليقال له: "نعم الجدود، ولكن: بئس ما خلفوا" وقد ابتلي كثير من الناس بذلك، فترى أحدهم يفتخر بعظم بال وهو عري -كالإبرة- من كل كمال، ويقول: "كان أبي كذا وكذا"، وذاك وصف أبيه، فافتخاره به نحو افتخار الكوسج (¬6) بلحية أخيه، ومن هنا قيل:
صفحة ٩٨