فصل
وأما تقوية باعث الدين، فإنه يكون بأمور:
أحدها: إجلال اللَّه ﵎ أن يعصى وهو يرى ويسمع، ومن قام بقلبه مشهد إجلاله لم يطاوعه قلبه لذلك ألبتة.
الثاني: مشهد محبته سبحانه، فيترك معصيته محبة له، فـ "إن المحب لمن يحب مطيع" (^١)، وأفضل الترك ترك المحبين، كما أن أفضل الطاعة طاعة المحبين، فبين ترك المحب وطاعته وترك من يخاف العذاب وطاعته (^٢)، بونٌ بعيد.
الثالث: مشهد النعمة والإحسان، فإن الكريم لا يعاملُ (^٣) بالإساءة من أحسن إليه، وإنما يفعل هذا لئام الناس، فليمنعه مشهد إحسان اللَّه ونعمته عن معصيته حياءً منه أن يكون خير اللَّه وإنعامه نازلًا إليه (^٤)، ومخالفاته ومعاصيه وقبائحه صاعدة إلى ربه، فمَلَكٌ ينزل بهذا وملكٌ يعرُج بهذا، فأقبِح بها من مقابلة!.
الرابع: مشهد الغضب والانتقام، فإن الرب تعالى إذا تمادى العبد
(^١) هذا عجز بيت منسوب لابن المبارك، وصدره: (لو كان حبك صادقًا لأطعته). انظر: "تاريخ دمشق" (٣٢/ ٤٦٩) و"إحياء علوم الدين" (٤/ ٢٨١). وهو منسوب أيضًا لمحمود الوراق.
انظر: "فوات الوفيات" (٤/ ٨١)، و"الكامل للمبرد" (٢/ ٤)، و"التمثيل والمحاضرة" ص (١٢).
(^٢) ساقطة من الأصل، واستدركتها من النسخ الأخرى.
(^٣) في النسخ الثلاث الأخرى: "يقابل".
(^٤) في (م) و(ن): "عليه".