التعليق على الرحيق المختوم

محمود الملاح ت. غير معلوم
119

التعليق على الرحيق المختوم

الناشر

دار التدمرية

رقم الإصدار

الأولى (للتدمرية)

سنة النشر

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

مكان النشر

السعودية

تصانيف

﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ [النجم: ٣]، وقوله: ﴿وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٧٤] فنفي المقاربة للركون فضلًا عن الركون، ثم ذكر الشوكاني عن البزار: أنها لا تروى بإسناد متصل، وعن البيهقي أنه قال: هي غير ثابتة من جهة النقل، وذكر عن إمام الأئمة ابن خزيمة: أن هذه القصة من وضع الزنادقة، وأبطلها ابن العربي المالكي، والفخر الرازي، وجماعات كثيرة، وقراءته ﷺ سورة النجم وسجود المشركين ثابت في الصحيح، ولم يذكر فيه شيء من قصة الغرانيق. وعلى هذا القول الصحيح وهو أنها باطلة فلا إشكال. وأما على ثبوت القصة كما هو رأي الحافظ ابن حجر فإنه قال في فتح الباري: (إن هذه القصة ثابتة بثلاثة أسانيد كلها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل، وكذلك من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض، لأن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها، دل ذلك على أن لها أصلًا.) فللعلماء عن ذلك أجوبة كثيرة أحسنها، وأقربها: أن النَّبي ﷺ كان يرتل السورة ترتيلًا تتخلله سكتات، فلما قرأ ﴿وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى﴾ [النجم: ٢٠] قال الشيطان- لعنه الله- محاكيًا لصوته: تلك الغرانيق العلى … إلخ فظن المشركون أن الصوت صوته ﷺ، وهو بريء من ذلك براءة الشمس من اللمس، وقد أوضحنا هذه المسألة في رحلتنا إيضاحًا وافيًا، واختصرناها هنا، وفي كتابنا: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب. والحاصل: أن القرآن دل على بطلانها، ولم تثبت من جهة النقل، مع استحالة الإلقاء على لسانه ﷺ لما ذكر شرعًا، ومن أثبتها نسب التلفظ بذلك الكفر للشيطان. فتبين أن نطق النَّبي ﷺ بذلك الكفر، ولو سهوًا مستحيل شرعًا، وقد دل القرآن على بطلانه، وهو باطل قطعًا على كل حال، والغرانيق: الطير البيض المعروفة واحدها: غرنوق كزنبور وفردوس، وفيه لغات غير ذلك، يزعمون أن الأصنام ترتفع إلى الله كالطير البيض، فتشفع عنده لعابديها قبحهم الله ما أكفرهم).

1 / 126