وقال البيضاوي: "الآية دالة على وجوب الهجرة، ففي الحديث: "من فر بدينه من أرض إلى أرض استوجبت له الجنة، وكان رفيق أبيه إبراهيم ﵇ ونبيه محمد ﷺ" (١) .انتهى كلامه.
ولو لم يكن إلا قوله ﷺ "أنا بريء من مسلم أقام بين ظهراني المشركين" (٢) وقوله ﷺ: "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها" رواه أبو داود عن معاوية ﵁ (٣) .
وقوله ﷺ: "لا تنقطع الهجرة ما كان الجهاد" رواه سعيد (٤)، وقوله ﷺ: "لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو" رواه أحمد والنسائي (٥) لكان في الدنيا كافيًا، وبالمقصود وافيًا، كيف وقد قال الله ﷻ: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللَّهِ﴾ (النساء: من الآية ١٠٠) .
هذا ما خطر في البال من المقالة، حتى كتبي هذه العجالة، من غير مراجعة في ذلك للأسفار، وإن كان صبح الحق فد تبلَّج بالأسفار، وأشرق بما ذكرناه من الحجة المحجة الأنوار، وانجلى عن وسيم وجهها الغبار.
خاتمة: اعلم أن سائر الأعمال كطلب العلم، والجهاد، والصلاة، والصيام، والحج والإنفاق، وغير ذلك، مثل الهجرة في هذا المعنى، فصلاحها
_________
(١) أنوار التنزيل (١/٢٣٩) .
(٢) رواه الترمذي ورقمه (١٦٠٤) وأبو داود ورقمه (٢٦٤٥) من حديث جرير بن عبد الله ﵁.
(٣) رواه أبو داود ورقمه (٢٤٧٩) وأحمد (٤/٩٩) .
(٤) رواه أحمد (٤/٦٤) عن رجل من الصحابة.
(٥) رواه أحمد (١/١٩٢) وابن حبان (٤٨٦٦) وصححه، من حديث عبد الله السعدي.
1 / 75