شيئا) . في الجواب عن الإسلام، وقد رواه جمع من الصحابة (١)، وهو حديث عظيم جدا، لا يبلغ الفهم لإدراك معانيه مفصلة حدا، ولكن لا نجد عن الكلام على شذرة منها بدا، وإلا فالأفهام على ما عليه انطوى، وما أحاط به احتوى، تقف دون ساحل تياره، فضلا عن الغوص على جواهر أسراره، ولم لا ترجع نواظر الإدراك من دون إدراكها حسّرا، وتحجم عن زاخر أمواجها فلا تستطيع تعبيرا لها ولا عبرا، وترى التقصير والإحجام بها أحرا.
والسائل ﵇ في هذا المقام روح الله الأمين، والمجيب أفصح الخلق أجمعين، وأفضل الأولين والآخرين.
وأيضا فقد اشتمل على شرح الدين كله، فأنى يرام في هذه الأرقام استقصاء الكلام في إيضاحه وحله.
فنقول والله المستعان، وعليه الاعتماد والتكلان:
قوله: "إذ طلع علينا" أي: بدا وظهر.
وقوله: "شديد بياض الثياب" يستفاد من مجيئه ﵇ على تلك الحالة البهية، استحباب التجمل لطلب العلم وللقدوم على ذوي الرتب السنية، إذ لم يقصد بذلك الفخر والمباهاة، وإنما القصد التحدث وإظهار نعمة الله. قال أبو العالية: كان المسلمون إذا تزاوروا تجملوا.
وقال ابن عبد السلام: لا بأس بلباس شعار العلماء؛ ليعرفوا بذلك فيسألوا، فإني كنت محرما، فأنكرت على جماعة محرمين لا يعرفونني ما أخلُّوا به من أدب الطواف، فلم يقبلوا، فلما لبست ثياب الفقهاء
_________
(١) عنهم: أبو هريرة وأنس بن مالك وجرير بن عبد الله البجلي وغيرهم. انظر جامع العلوم والحكم (١/٩٧) .
1 / 43