190

العقد الثمين في شرح أحاديث أصول الدين

محقق

محمد بن عبد الله الهبدان

الناشر

بدون ناشر فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٣هـ/٢٠٠٣م

مكان النشر

الرياض

الدم وتتصاعد، لا تدع مفصلا إلا دخلته ولا عرقا، فقد صاروا في داء هذا الهوى غرقا. ولذا شبه رسول الله ﷺ حالهم بحال من بداء الكلب قد أصيب، فما لهم في عداد العقلاء من نصيب. والكلب بفتح الكاف واللام داء معضل يحصل به أعظم الآلام، ويحدث بسببه سقم من أشد الأسقام، وهو يعرض للإنسان من عض الكَلْب الكَلَب، فيصيبه شبه الجنون، فلا يعض أحدا إلا كلب، ويعرض له أمراض رديئة، ويمتنع من شرب الماء حتى يموت عطشا. واجتمعت العرب على أن دواءه قطرة من دم الملك (١) يخلط بماء فيسقاه. (٢) وكتب علي بن أبي طالب ﵁ إلى ابن عباس ﵄ حين أخذ مال البصرة: "فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب والعدو قد حرب" يعني: اشتد. قوله: "لئن لم تقوموا بما جاء به نبيكم ﷺ فغيركم من الناس أحرى أن يقوم به". مراده ﵁ الحث والحض لهم على الاجتماع على كتاب الله وسنة نبيه ﷺ والاعتصام بذلك، وشدة الاهتمام والاعتناء بذلك، لان به تحصل السعادة والسؤدد في العجل والآجل، وتكمل لمن قام به شريف الفضائل، وهذا مع ما فيه من الحث على القيام بما جاءهم به

(١) قال الليحاني: إن الرجل الكلب يعض إنسانا، فيأتون رجلا شريفا، فيقطر لهم من دم أصبعه فيسقون الكلب فيبرأ. انظر: اللسان (١/٧٢٣) ولا شك في تحريم هذا؛ لان الله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرم عليها. ودم الإنسام مما حرم على الإنسان. (٢) لسان العرب (١/٧٢٣) عادة كلب.

1 / 212