175

العقد الثمين في شرح أحاديث أصول الدين

محقق

محمد بن عبد الله الهبدان

الناشر

بدون ناشر فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٣هـ/٢٠٠٣م

مكان النشر

الرياض

أي: حجة واضحة تعرفونها، قيل: المراد به: محمد والقرآن. وقال: ﴿جَاءَكُمْ﴾ ولم يقل جاءتكم؛ لأنه انصرف إلى البيان، مع أن الفعل إذا تقدم وكان الفعل مؤنثا مجاذيا جاز فيه التأنيث والتذكير، كما هو في كتب العربية موضح التقرير. ﴿وَهُدىً وَرَحْمَةٌ﴾ أي: جاءكم ما فيه البيان، وقطع الشبهات عنكم والارتياب، وهدى لكم من الضلالة، ورحمة من العذاب. وقوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أُنْزِل إِليْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾ (الأعراف: من الآية ٢) يعني: هذا القرآن أنزل إليك يا محمد فلا يقعن في قلبك شك وارتياب، إنه منزل من رب الأرباب، وقد وجه غليه الخطاب، والمراد غيره كقوله: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِليْكَ فَاسْأَلِ الذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ (يونس: من الآية ٩٤)، وقيل المعنى: فلا يضيقن صدرك بتكذيبهم. وأصل الحرج في اللغة: الضيق. وقوله: ﴿لِتُنْذِرَ بِهِ﴾ أي: أنزل إليك، لتنذر الكفار. ﴿وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ لأنهم أهل البصائر والاعتبار. ثم قال ﷻ مخاطبا عباده: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِل إِليْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ (الأعراف: من الآية ٣) أي: اعملوا به، فإن عقابه السعادة، واقتفوا آثار نبيكم الذي أنزل عليه، وسابقوا إلى هدية وسارعوا إليه، ﴿وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ (الأعراف: من الآية ٣) أي: لا تتخذوا من دونه أربابا، فمن اتخذهم فهو أشد الناس عذابا، وأسوؤهم يوم القيامة مآبا، ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ (يوسف:١٠٣) ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ (الأنعام: من الآية ١١٦) ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ (يوسف:١٠٦) . قوله تعالى: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ﴾ (: من الآية ١٥٧) أي: صدقوه وأقروا بنبوته، ﴿وَعَزَّرُوهُ﴾ أي: عظموه بتقويته، ﴿وَنَصَرُوهُ﴾ بالسيف والسنان

1 / 197