167

العقد الثمين في شرح أحاديث أصول الدين

محقق

محمد بن عبد الله الهبدان

الناشر

بدون ناشر فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٣هـ/٢٠٠٣م

مكان النشر

الرياض

قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ (آل عمران: من الآية ١٠٢) . قد تقدم الكلام على التقوى، وذكرنا ما فيه الكفاية. وقد ذهب سعيد بن جبير وأبو العالية والربيع بن أنس وقتادة ومقاتل وابن حيان وزيد بن أسلم والسدي وغيرهم إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (التغابن: من الآية ١٦) وعن ابن عباس: أنها لم تنسخ، ولكن ﴿حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ أن يجاهدوا في سبيله حق جهاده ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ويقومون بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم. (١) وفي قوله: ﴿وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ (آل عمران: من الآية ١٠٢) الأمر بالمحافظة على الإسلام في حال الصحة والسلامة؛ ليموتوا على ذلك؛ لأن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه. وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: "من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر، ويأتي إلى الناس ما يجب أن يؤتى إليه" رواه الإمام أحمد (٢) . وعنه ﷺ: "لو قطرت من الزقوم قطرة، لأمرت على أهل الأرض معيشتهم، فكيف بمن ليس له طعام إلا الزقوم" هكذا رواه أصحاب السنن (٣) . وقوله: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا﴾ (آل عمران: الآية ١٠٣) أمر الله تعالى عباده المؤمنين أن يعتصموا بحبله المتين، وهو القرآن المبين الذي نزل به

(١) انظر: تفسير ابن كثير (٢/٧٣) . (٢) رواه أحمد (٢/١٩٢) . (٣) رواه احمد (١/٣٣٨) وابن ماجة (٤٣٢٥) عن ابن عباس ﵁.

1 / 189